
حزب الله تحت النار يوميًا.. وإسرائيل تفرض معادلة الاستنزاف دون رد ..
بقلم الصحفي الأستاذ حسين حرقوص
التصعيد العسكري في الجنوب اللبناني مستمر، حيث تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات يومية تستهدف مواقع وقيادات تابعة لحزب الله، بينما يلتزم الحزب بضبط النفس، مشددًا على أنه يمنح الدولة اللبنانية فرصة لتحمل مسؤولياتها. لكن هل هذا الخيار هو جزء من استراتيجية مدروسة أم أنه واقع تفرضه الظروف الإقليمية والتوازنات العسكرية؟
معادلة الاستنزاف.. تغيير في قواعد الاشتباك
منذ انتهاء حرب أيلول 2024، لم تتوقف إسرائيل عن توجيه ضربات جوية وصاروخية إلى مواقع حزب الله في الجنوب اللبناني، ما أدى إلى خسائر ميدانية كبيرة. وفي المقابل، لم يُقدم الحزب على أي رد عسكري واسع النطاق، على عكس ما كان يحدث في جولات التصعيد السابقة. هذا التطور يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحزب على فرض معادلة الردع السابقة، خاصة أن الضربات الإسرائيلية مستمرة دون أن تؤدي إلى تصعيد شامل.
لماذا لا يرد حزب الله؟
رغم التصريحات المتكررة بأن الحزب “يعطي فرصة للدولة اللبنانية” لتحمل مسؤوليتها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، إلا أن هناك عوامل واقعية تجعل الرد العسكري المباشر خيارًا مكلفًا للغاية، وربما غير ممكن في المرحلة الحالية:
. التكلفة العالية لأي مواجهة مباشرة
• الضربات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت بنية تحتية عسكرية مهمة للحزب، مما يجعله في موقف صعب من ناحية التخطيط لأي رد دون المخاطرة بضربة انتقامية أكبر.
• التوازن العسكري الحالي يجعل أي رد عسكري كبير مغامرة غير محسوبة، قد تؤدي إلى تصعيد شامل قد لا يكون الحزب مستعدًا له.
. الضغوط الداخلية والخارجية
• الوضع الداخلي اللبناني لا يحتمل تصعيدًا جديدًا، حيث تعاني البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية متفاقمة، تجعل أي حرب جديدة عبئًا إضافيًا على الدولة والشعب.
• المجتمع الدولي يضغط باتجاه التهدئة، ويعتبر أي تصعيد جديد تهديدًا للاستقرار في المنطقة، وهو ما يضع الحزب في موقف دقيق بين التمسك بخياراته العسكرية والحفاظ على التوازن الداخلي في لبنان.
. المتغيرات الإقليمية وتأثيرها على الحزب
• سقوط النظام السوري أواخر 2024 أحدث تغييرًا جذريًا في التوازنات، حيث لم يعد الحزب يمتلك نفس حرية الحركة والإمداد التي كان يوفرها له وجود حليف قوي في دمشق.
• إيران تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك الضغوط الدولية والأوضاع الاقتصادية، مما يعني أن الدعم العسكري للحزب قد يكون أقل مما كان عليه في السابق.
إسرائيل تستفيد من الوضع وتواصل الاستنزاف
في ظل هذه الظروف، يبدو أن إسرائيل وجدت فرصة مناسبة لفرض استنزاف مستمر لحزب الله دون الوصول إلى مواجهة مفتوحة. فهي تواصل عملياتها العسكرية بشكل منتظم، مما يضع الحزب أمام خيارين صعبين:
• الرد والمخاطرة بتصعيد شامل قد يكون مكلفًا جدًا.
• الاستمرار في ضبط النفس، مع القبول بمعادلة استنزاف مستمرة.
حتى الآن، يبدو أن الحزب يختار الخيار الثاني، حيث يراهن على ضبط النفس والاحتفاظ بخياراته العسكرية لوقت أكثر ملاءمة.
حزب الله في موقف حساس لكنه لا يزال طرفًا فاعلًا
• الحزب ليس في موقع ضعف كامل، لكنه يواجه واقعًا معقدًا يفرض عليه قيودًا استراتيجية تمنعه من الرد كما كان في السابق.
• إسرائيل تستغل هذه الظروف لمواصلة الضغط والاستنزاف، دون أن تتحمل تكلفة مواجهة شاملة.
• في ظل استمرار هذا الوضع، تبقى إمكانية التصعيد قائمة إذا قرر الحزب تغيير استراتيجيته أو إذا فرضت الظروف معادلة جديدة على الأرض.
إلى متى يمكن لحزب الله أن يتحمل هذا الاستنزاف دون أن يغير قواعد الاشتباك؟ وهل ستتمكن الجهود السياسية من إيجاد مخرج يمنع التصعيد المستقبلي