
نواف سلام، المولود في 15 ديسمبر 1953، هو أستاذ جامعي ورجل قانون ودبلوماسي لبناني حاز على احترام كبير في الساحات الدولية. شغل منصب قاضٍ في محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث انتخب رئيسًا لهذه المحكمة في فبراير 2024 بعد سنوات من العمل الدبلوماسي والقانوني. سلام يُعتبر رمزًا للنزاهة والتفاني في الدفاع عن مبادئ القانون الدولي. اليوم، وفي ظل الأزمة التي تعصف بلبنان، تم تكليفه رسميًا بتشكيل الحكومة الجديدة، ليواجه واحدة من أصعب المراحل في تاريخ البلاد.
التحديات السياسية:
يأتي تكليف نواف سلام في ظل انقسامات سياسية عميقة وتنافس بين الكتل الحزبية التقليدية التي تهيمن على المشهد السياسي منذ عقود. سلام، الذي يُنظر إليه كشخصية مستقلة وتكنوقراطية، يقف أمام مهمة شاقة تتمثل في تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان وتكون قادرة على التصدي للأزمات الراهنة. من أهم التحديات السياسية التي يواجهها سلام هي تحقيق توافق بين الأطراف المتنازعة، خاصة في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تُعقد المشهد السياسي.
التحديات الاقتصادية:
لبنان يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار العملة الوطنية، ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتدهور الخدمات العامة. أمام نواف سلام تحدٍ كبير لإطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة تتضمن مكافحة الفساد، تحسين إدارة الموارد العامة، وإعادة هيكلة الدين العام. علاوة على ذلك، يتعين عليه استعادة ثقة المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لضمان توفير المساعدات المالية اللازمة لإنعاش الاقتصاد وإعادة بناء البنية التحتية المتدهورة.
التحديات الأمنية:
في ظل التصعيد المتزايد على الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، تجد الحكومة اللبنانية الجديدة نفسها أمام أزمة أمنية معقدة ذات أبعاد داخلية وإقليمية. الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير، الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية، تشير إلى هشاشة الوضع القائم واحتمالية تجدّد الصراع مع حزب الله. هذه التوترات تُهدد بجرّ البلاد إلى مواجهة عسكرية جديدة قد تكون لها آثار كارثية على الاستقرار الداخلي.
الحكومة تحت قيادة نواف سلام بحاجة إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني، تفعيل المؤسسات الأمنية، وضبط الحدود لضمان الأمن. كما أن التعاون مع المجتمع الدولي لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالحدود الجنوبية، والعمل على حلول دبلوماسية مع القوى الإقليمية، سيكون أساسيًا لتخفيف التوترات. النجاح في هذا الملف يتطلب أيضًا توحيد الصف الداخلي لتجنب الانقسامات السياسية التي قد تضعف الجبهة الوطنية.
رؤية نواف سلام:
من المعروف أن نواف سلام يتبنى رؤية إصلاحية مبنية على الشفافية وسيادة القانون. يعتمد على خبرته الطويلة في العمل القانوني والدبلوماسي لإيجاد حلول مبتكرة وشاملة للأزمات المتعددة التي تواجه لبنان. يرى كثيرون في سلام شخصية قادرة على بناء الثقة مع المجتمع الدولي ومع الشعب اللبناني، مما يعزز الآمال في إحداث تغيير إيجابي.
التوقعات المستقبلية:
يُتوقع أن تركز حكومة نواف سلام على وضع خطة إنقاذ وطنية تتضمن إصلاحات اقتصادية جذرية، محاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تسعى الحكومة إلى إعادة بناء العلاقات الإقليمية والدولية على أسس جديدة لتعزيز الدعم السياسي والاقتصادي.
على الصعيد الأمني، يُرجح أن تعمل الحكومة على استراتيجية شاملة لضمان الاستقرار الداخلي، بما في ذلك تعزيز قوة الجيش اللبناني، وضمان الأمن على الحدود الجنوبية، والتواصل مع المجتمع الدولي لتفادي أي تصعيد عسكري.
ختام:
تكليف نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة يمثل فرصة للبنان للخروج من أزماته المتعددة. لكن نجاحه يتوقف على مدى قدرته على التوفيق بين الأطراف السياسية، تنفيذ الإصلاحات، وكسب ثقة الشعب اللبناني. إذا تمكن