كشفت دراسة جديدة عن أن أفضل ما يمكنك القيام به لتفادي ليالي الأرق، يتمثل بممارسة بعض التمارين الرياضية.
وقالت مؤلفة الدراسة الرئيسية الدكتورة إرلا بيورنسدوتير، خبيرة النوم والمعلمة والباحثة بدوام جزئي في جامعة ريكيافيك، إنّ “الأشخاص الذين يمارسون نشاطًا بدنيًا هم أقل عرضة لخطر الإصابة بأعراض الأرق ومدة النوم المتطرفة، سواء طويلة أم قصيرة”.
ونظرت الدراسة التي نُشرت في مجلة “BMJ Open”، اليوم، في بيانات أكثر من 4300 شخص تتراوح أعمارهم بين 39 و67 عامًا، على مدى 10 سنوات.
تعتمد بيورنسدوتير على تطبيق نوم يتعقب النوم، ويقدم نصائح وموارد لنوم أفضل. لم تمول الشركة هذه الدراسة، ولم يبلغ المؤلفون عن أي تضارب مصالح.
تم استطلاع آراء المشاركين في تسع دول أوروبية حول تكرار النشاط البدني، وكثافته، ومدته، بالإضافة إلى أعراض الأرق، وكمية النوم كل ليلة، والشعور بالنعاس أثناء النهار.
وبحسب ما ذكرته الدراسة، فإن الأشخاص الذين تمتعوا بالنشاط على نحو مستمر كانوا أكثر عرضة بنسبة 55٪ للنوم الطبيعي، بين 6 و9 ساعات في الليلة، وأولئك الذين أصبحوا نشطين خلال فترة زمنية محددة كانوا أكثر عرضة للنوم بشكل طبيعي بنسبة 21٪ – بعد التعديل بحسب العمر، والجنس، والحالة الصحية، ومؤشر كتلة الجسم، وتاريخ التدخين.
وقال الدكتور ديفيد نيوباور، الأستاذ المساعد في قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية بكلية الطب في جامعة جونز هوبكنز، غير المشارك في الدراسة، إن النتائج قوية في حد ذاتها، لكنها مدعومة أيضًا بمجموعة من المؤلفات الموجودة.
وأشارت بيورنسدوتير في حديثها مع CNN إلى أن “نتائجنا تتوافق مع الدراسات السابقة التي أظهرت تأثيرًا مفيدًا للنشاط البدني على أعراض الأرق، لكن الدراسة الحالية تُظهر أيضًا أهمية الاتساق في ممارسة الرياضة مع مرور الوقت. لذلك من المهم أن تكون نشيطًا بدنيًا طوال حياتك من أجل تقليل خطر الأرق وقصر مدة النوم”.
ولفتت الدكتورة شاليني باروثي، الأستاذة المساعدة بكلية الطب في جامعة سانت لويس، والمتحدثة باسم الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، إلى أنّ الدراسة قد تمنح المتخصصين في الرعاية الصحية أداة أخرى بالتوازي مع الأدوية والعلاج.
وقالت باروثي غير المشاركة في الدراسة: “إنها تعطينا فكرة عن أمر ربما لا نفكر فيه دومًا لعلاج الأرق”.
هناك الكثير من الأسباب التي تجعل النشاط البدني يساعد في الحصول على راحة جيدة أثناء الليل.
وأوضحت بيورنسدوتير أنه “قد ثَبُت أنّ التمارين الرياضية تعمل على تحسين نوعية النوم ومدته من خلال تعزيز الاسترخاء، وتقليل التوتر، وتحسين الحالة المزاجية. ويُساعد النشاط البدني على تنظيم الساعة الداخلية للجسم، ويعزّز النوم الأعمق والأكثر تجديدًا”.
من جهته رأى نويباور، أنّ هذه الدراسة لا تظهر من تلقاء نفسها أن إضافة التمارين الرياضية ستقلّل من أعراض الأرق، لأنها لم تحصل على خط أساس واضح لجودة النوم قبل إضافة النشاط.
ومع ذلك، لا تزال هناك أدلة جيدة.
وقال: “هناك بعض الأدبيات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين قرروا البدء بأن يكونوا أكثر نشاطًا بدنيًا ويمارسون المزيد من التمارين، لديهم ميل إلى تحسين النوم أثناء الليل من حيث إجمالي الوقت والقدرة على النوم”.
وأضافت باروثي أنه من المهم ملاحظة أن الأشخاص الذين عانوا منذ فترة طويلة من مشاكل الأرق لن يجدوا على الأرجح أن التمارين الرياضية تشفي حالتهم تمامًا بمفردها.
وقالت إن الأمر سيختلف على نحو فردي، إذ أن بعض الأشخاص سيرون نتائج مذهلة، فيما سيرى البعض الآخر نتائج معتدلة، وقد لا ترى مجموعة من الأشخاص أي تحسن.
وأوضحت باروثي أن العلاج السلوكي المعرفي للأرق هو الأداة الأكثر فعالية لعلاج الأرق، لذلك قد يرغب الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نوم أكثر حدة، بالبحث عن ذلك أيضًا.
التحول إلى شخص نشيط
رأى الخبراء أنه ليس عليك البدء بالمشاركة في سباقات الماراثون للحصول على الفائدة، إنما عليك فقط الشروع بممارسة النشاط البدني.
وقالت بيورنسدوتير: “حتى التمارين معتدلة الشدة، مثل المشي أو اليوغا، يمكن أن يكون لها آثار إيجابية كبيرة على النوم”.
وأشار نيوباور إلى أنه إذا كنت تريد أن تجعل نشاطك أكثر فائدة لإيقاع الساعة البيولوجية لديك، فيمكنك الخروج خلال ضوء النهار، موضحًا أن “التواجد في الهواء الطلق وممارسة النشاط البدني قد ينعكس إيجابًا على إيقاع الساعة البيولوجية لديك. ويعزز إيقاعنا اليومي النوم ليلاً واليقظة أثناء النهار”.
وخلص إلى أنّ “الدرجة التي يستطيع بها الناس تعديل أنماط حياتهم لتعزيز النشاط والبقاء في الهواء الطلق والحصول على مزيد من الضوء، قد تتمتع بتأثير إيجابي على النوم ليلاً”.