سياسةمحليات

جعجع لتلفزيون لبنان: هذه المرحلة هي الأقرب الى الخلاص والقيامة للبنان ولكن الطريق ليس بقصير ويتطلب التفكير بحلول جدية وجذرية

وطنية – أعرب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عن عدم اقتناعه بنتيجة لقاء بكركي، ولا سيما انه لا يستشرف جدوى منه، ولكن تأتي مشاركة “القوات” لاسباب مختلفة، وفي طليعتها “من أجل الكنيسة”.

ورأى ضمن برنامج “مع وليد عبود” عبر تلفزيون لبنان ان هناك فريقا مسيحيا شارك في السلطة بشكل جزئي وازن او كلي منذ اكثر من 15 سنة، اي “التيار الوطني الحر”، و”ما طلع منو شي”، وان الحل يكمن في استجماع القوى المسيحية الاخرى، المتقاربة اصلا والمتوافقة على رأي موحد، فيما موقف “التيار” في مكان آخر”.

ورأى ان “الحديث عن اشكالية مسيحية كلام غير دقيق ونحن لا نريد تغيير الواقع او التغاضي عنه، باعتبار انه يعاني بكل طوائفه من اشكالية وطنية (دولتية) كبيرة. ولكن جماعة الممانعة تحب المسيحيين الى درجة (بِتكِبّ) طروحاتها كلها عليهم، وعلى سبيل المثال، تعزو هذه الجماعة سبب تعطيل الانتخابات الرئاسية الى ارتباطها بالتفاهم الماروني – الماروني”، مذكرا بأن المسيحيين تقاطعوا حول اسم جهاد ازعور سابقا وخاضوا معركة لايصاله.

وردا على سؤال، شدد على ان “اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا لم يملكوا يوما ترف الوقت انطلاقا من حجم البلد والمخاطر المحيطة به، الا اننا نشهد في الاشهر الاخيرة حملة مبرمجة بهدف رمي مسؤولية مشاكل البلد على ابناء هذه الطائفة”.

أضاف: “في السنوات الاربعين الاخيرة، كان قسم من المسيحيين ضائعا، ما ساهم  في ايصالنا الى ما نحن فيه، غير ان الوضع بدأ بالتحسن بعد الانتخابات الاخيرة عام 2022، فقد ذكرت الدراسات الاجنبية والعربية والمحلية ان الصراع القائم اليوم في لبنان هو بين المسيحيين من جهة والثنائي الشيعي من جهة اخرى، بالاضافة الى مشاكل عدة يتشارك الجميع بها”.

وعن الاخطر بين “الفراغ في الرئاسة والفراغ السياسي على الصعيد الماروني”، لفت جعجع الى ان “لا فراغ سياسيا على الصعيد الماروني، فالمسيحيون، وللمرة الاولى منذ سنوات طويلة، هم “الطرف الآخر” في البلد”.

وعن لقاء بكركي، اعرب عن “عدم اقتناعه به، ولكن تشارك القوات به لاسباب مختلفة وفي طليعتها من أجل الكنيسة”.

وقال: “ثمة فريق مسيحي شارك في السلطة بشكل جزئي وازن او كلي منذ اكثر من 15 سنة، اي (التيار الوطني الحر)، وندرك جيدا آراءه ومقارباته وممارساته، و(ما طلع منو شي)، من هنا لا استشرف جدوى من هذه اللقاءات”. وأرى ان “امامنا حلا آخر يكمن في استجماع القوى المسيحية الاخرى، وهي متقاربة اصلا، كحزب الكتائب والوطنيين الاحرار والمستقلين، والتي تتوافق على رأي موحد فيما يغرد “التيار” في سرب آخر”.

تابع: “نشارك في لقاء بكركي لان ما من أحد له الحق بالحكم على الأداء من خلال التاريخ، فنقول: ربما في مكان ما…، الا اننا تعلمنا انطلاقا من تجارب الماضي عدم اعطاء التيار قصقوصة ورق قبل التزامه بمواقف معلنة. لذا وضعنا في بكركي النقاط على الحروف وفسحنا له المجال للتفكير”.

وعن الخشية من لعب رئيس “التيار” جبران باسيل على التناقضات “حتى يعلّي سعرو لدى حزب الله”، اجاب جعجع: “انا شبه اكيد من ذلك، وفي حال قبل الحزب بالتفاهم مع باسيل على رئيس ما للجمهورية غير رئيس تيار المردة سليمان فرنجية فسيجلس معه. لذا من المرجح ان تكون لقاءات بكركي وللاسف طبخة بحص، ويبقى الاهم اننا بتنا نعرفه جيدا وندرك تماما كيفية التعاطي معه”.

وهل باسيل يستخدم بكركي لتعويم نفسه كمرجعية سياسية، لم يستبعد جعجع هذه النظرية وردها الى هذا الطلب الفجائي من باسيل، متحججا بشعارات يطرحونها عند الحاجة بعنوان “حقوق المسيحيين”.

استطرد: “لا خطَّ تاريخيا للتيار الوطني الحر، ولا اتجنى على باسيل، لقد استطاع التيار في مطلع التسعينيات تدمير المنطقة الحرة الوحيدة في لبنان واسقط نحو 1000 قتيل تحت شعار توحيد البندقية. فحين كان لبنان بأكمله يتضمن تنظيمات مسلحة، وُجد تنظيم مسلح واحد سعى الى الحفاظ على الجيش والدولة، وهو القوات اللبنانية، الا انه في العام 2005، وعندما اصبح هناك دولة قائمة بعد اتفاق الطائف، اجاز التيار وجود سلاح مع حزب الله خارج سلطة الدولة، بحجة عدم جهوزية الدولة. وبالتالي لا مسلّمات للتيار بل مصالح يتمسك بها تدفعه للتعاون مع من يؤمنها”.

واردف: “في العام 2016 استأثر هذا “التيار” بالسلطة وبالحقائب المسيحية وكانت النتيجة وقوع المصيبة الاكبر في مرحلة كانت الاسوأ حيث لم ينجز اي شي، باستثناء قانون الانتخابات بعدما كانت “القوات” المحرك الرئيسي فيه الى جانب رغبة التيار”.

وهل اخطأت المعارضة بعدم التمسك بمرشح واحد كما فعلت “الممانعة”، ذكر جعجع ان “في البداية رشحنا النائب ميشال معوض الذي نال 47 صوتا لننتقل الى ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور فحاز على 59 صوتا، من هنا خيارنا هو التقدم نحو انهاء الشغور الرئاسي، فلو نال معوض اصواتا اكثر لتابعنا معه حتى النهاية”.

وسئل: “من يريد التقدم نحو الامام في معركة الرئاسة، الا يقبل بالجلوس إلى طاولة الحوار؟”، رد: “هذه انتخابات رئاسية، وثمة فريق يستعصي ليجرنا الى القبول بمرشحه. ولا بد من التذكير بأن هناك حوارا بشكل يومي، ولا يطرح فيه فريق الممانعة سوى ما هي مطالبنا للسير بفرنجية”.

وقال: “إن طاولة الحوار التي يطرحها الرئيس نبيه بري ملهاة لن نقبل بالسير بها، فهدفها (تضييع الشنكاش) ورمي فريق الممانعة مسؤولية التعطيل على غيره، فضلا عن رهانه على احتمال نجاحه بـ(سحب كم نائب لجهته)”.

واذ استغرب عدم اعتماد الآلية الدستورية في انجاز الاستحقاق الرئاسي، فيما يتم التمسك بها عند انتخابات رئاسة المجلس النيابي وتسمية رئيس الحكومة، جدد جعجع تأكيد “وجوب دعوة بري الى جلسة بدورات متتالية الى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد، فاتباع الآلية الدستورية يبقى الأساس”.

وتساءل “عما يُعدُّ الاجدى لإقامة حوار من أجله: الانتخابات الرئاسية ام اعلان الحرب في الجنوب، بخاصة وأن بعض النواب حاول في احدى الجلسات اثارة الوضع في الجنوب ولكن الرئيس بري واجهه بالرفض”.

وقال: “إن حرب الجنوب كلفت زهاء 350 قتيلا لبنانيا حتى الآن ومليار دولار خسائر مباشرة ومليارا آخر خسائر غير مباشرة، فمن يتحمل المسؤولية؟ الدولة تعوّض حين تكون صاحبة قرار الدخول في الحرب، وليس “لما مين ما كان بياخذ القرار عنها”.

وعن ان المسيحيين يُعتبرون خارج دائرة القرار، اسف جعجع “لان قسما كبيرا منهم ساهم منذ العام 2006 الى الامس في هذا المنحى. اين كان التيار آنذاك؟ فهو (ضربة على الحافر وضربة على المسمار)، ليس من منطلق مبدئي من الحرب في الجنوب بقدر انتظاره المكاسب من حزب الله”.

وبالنسبة الى تخوفه من اتفاق باسيل مع “حزب الله”، واعادة تموضعه ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية، بعد تأمينكم النصاب في الجلسة، اجاب: “ليش ما عملوا قبل؟”،

واستطرد: “في حال فعلوا ذلك، لن نقف مكتوفي الايدي وسنقابلهم بتصرف آخر. وفي اسوأ الاحوال سنلعب دور المعارضة الشرسة وسيزداد عدد المنضوين فيها، بعدما وصل الوضع في البلد الى حد لا مجال فيه لأرباع الحلول  من هنا، والتمييع والتكاذب من هناك”.

وهل ندم على القرار الذي اتخذه عام 2016، اكتفى بالقول: “لكل مرحلة ظروفها، وتلك التجربة اتسمت بالعمق والاهمية”.

جعجع الذي لفت الى ان نية “سفراء الخماسية” جدية، ولكن لا قدرة لديهم على احداث خرق، اعتبر انهم “يأتون من دول عريقة، ويدركون تماما آلية الانتخابات الديمقراطية، وأن نجاحها يتطلب عقد جلسة بدورات متتالية لا بطاولات حوار”، مؤكدا انهم “لم يتبنّوا مطالب ورؤية الفريق الآخر ولكنهم حاولوا لعب دور الوسيط، من هنا فضلت وضع حدود للعبة”.

وعن عدم ملء سدة الرئاسة قبل الانتخابات النيابية المقبلة لعلها تفرز ميزان قوى جديداً، قال: “ليس بالضرورة، فالقوى غير الممانعتية في المجلس الحالي اكثر من المحسوبين على الفريق الممانع، غير ان المشكلة تكمن في الـ25 نائبا الذي لا يتخذون القرار الصائب. فالوسطي هو من لا ينتمي الى حزب معين في الوقت الذي عليه الاختيار عند الحاجة”.

أضاف: “في جلسة 13 حزيران 2023، كان الخيار بين فرنجية وازعور، صاحب (بروفيل) المرشح الثالث بامتياز والخبير الاقتصادي، الا ان النواب الـ25 الذين نتحدث عنهم فضلوا (الوقوف على جنب)، بدلا من ممارسة دورهم الدستوري واختيار من يرونه مناسبا، ولو لم يكن مرشحنا، على خلفية ان النهج الذي يعتمدونه يمدد الفراغ الرئاسي”.

جعجع الذي رفض الدخول في اسماء مرشحين آخرين، اشار الى انه “لا مانع لدينا من مناقشة اسم مرشح ثالث، اذا كان هو الحل، شرط ان يتمتع بمواصفات ازعور، ولا سيما اننا وازعور لسنا متمسكين بأشخاص”.

وعما يحكى في الكواليس عن العودة الى طرح اسمين من دائرة الاربعة الأقوياء، اي جبران باسيل، سليمان فرنجية، سامي الجميل وسمير جعجع، نظرا لدقة المرحلة، اجاب: “لا معلومات لدي في هذا الخصوص، وفي حال طرح ذلك، ولو انه قليلا ما يحصل، فعندها من الواجب اعتماد احدى معادلات التيار: (الأقوى في طائفته هو الذي يمثلها)”.

وعند سؤاله عن عدم اصراره على ذلك كما فعل العماد عون سابقا، اختصر الاجابة بالقول: “هدفنا الوصول الى حل وليس عرقلة الامور”.

وفي سياق الحرب في الجنوب، سئل عن رأيه ان كانت اسرائيل مقبلة على حرب مفتوحة او انه مجرد ضغط على “حزب الله”، فرد: “لا اعرف، و(هيدي قصة تبصير وما بدي بصّر هون). وهنا اسأل، من أتخذ القرار بالدخول في الحرب؟ الجواب بسيط: حزب الله. ولكن، هل له الحق في زج الشعب اللبناني في الحرب لمجرد (السلبطة)، بخاصة وأن ثلثي الشعب اللبناني على الاقل لا يريد الحرب؟… الحزب يتصرف وكأنها ارض سائبة، ما ساهم بـ(انو يفرّخ) حواشي من مجموعات مسلحة تابعة له. فماذا بقي من الدولة في لبنان؟”.

ورأى جعجع انه “لا يمكن لمجتمع ان يعيش من دون دولة، الا ان هذه الدولة لم تعد مناسبة، لذا نحن نؤيد البحث وبقية الفرقاء في تركيبة جديدة للدولة كون السلطة كما هي اليوم ليست “شغالة” وتحتاج الى اعادة بحث”.

اما لجهة من ترك الدويلة لتصبح بهذا الحجم، اجاب: “الرغبة في حل الميليشيات كانت السبب الرئيسي لحل حزب القوات فرضخنا والاشتراكي والتنظيمات المسلحة الصغيرة الاخرى لهذا القرار، في حين سُمح ببقاء حزب الله بذريعة انه مقاومة. ولهذا السبب حُلَّ حزب القوات وبدأ الخلاف الرئيسي، فضلا عن ان وجود الدويلة يعود ايضا الى مواقف بعض السياسيين في لبنان. انطلاقا من هنا، يجب التوصل الى تركيبة ينسجم معها هؤلاء السياسيون”.

جعجع الذي عزا سبب التفاوض في ملف الجنوب مع حزب الله الى “انه هو “من يقوّص” وليس البطريرك الراعي او انا على سبيل المثال”، اوضح ان “المفاوضات تتم مع الحزب على مسألة وقف اطلاق النار فقط وليس على الاستراتيجيات الكبرى ومستقبل لبنان، مشددا على ان المفاوضين والمندوبين الاجانب عمدوا على توضيح ذلك منذ البداية”.

وعن تخوفه من تنازل “حزب الله” مقابل مكاسب سياسية داخلية، سأل: “كيف سيمنحوه مكاسب سياسية؟ أمِن (جيبة غيرن)؟ يجب الا نخاف، باعتبار ان القوى المحلية هي من تحدد مسار الامور، واذا كان فعلا الحزب باستطاعته فرض الامر الواقع لكان اتى بفرنجية رئيسا للبلاد”.

وسئل: هل ما زال طرح موضوع “نزع سلاح حزب الله” واقعيا في هذه المرحلة، قال: “يتحدثون في المفاوضات عما يتعلق بالظرف القائم فحسب، وهذا هو الوقت الأفضل للمطالبة بنزع سلاحه وتسليمه للجيش. لقد اثبتت هذه الفترة انه لا جدوى من هذا السلاح غير الشرعي بعدما استباحت اسرائيل بعض المناطق اللبنانية في هذه الحرب، ما يؤكد ان مقولة “الحزب” الاساسية التي ترتكز  على امتلاكه السلاح خاطئة”.

وردا على سؤال، وصف جعجع الحالة بين السعودية وايران بـ”التهدئة” ككل الدول العربية، فيما يقارب كل طرف الملفات وفق وجهة نظره.

تابع: “منذ تسلم ولي العهد محمد  بن سلمان تبدلت مقاربة السعودية للملفات الخارجية، بحيث لم تعد ترغب بالتدخل في تفاصيل السياسيات الداخلية للدول الاخرى. فمثلا، في الملف الرئاسي اللبناني، تفضل انتظار انتخاب الرئيس ومراقبة أدائه لتقرر كيفية التعامل معه ومع لبنان  لجهة دعمه والدولة اللبنانية”.

وهل هذا القرار قد اضعف القوات، شدد جعجع على اننا “قوة محلية موجودة تفتخر بصداقة المملكة العربية السعودية وترى ان هذا هو المسار السليم للعلاقات الثنائية”.

وختم ان “هذه المرحلة هي الأقرب الى الخلاص والقيامة للبنان، ولكن هذا الطريق ليس قصيرا، ويتطلب التفكير بحلول جدية وجذرية الى جانب الجهد والتعب وكامل الجهوزية لمتابعة المسيرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى