
ثلاثة أيام من التوتر في بيروت: بين احتجاج مشروع وفوضى منفلتة !
شهدت بيروت في الأيام الأخيرة سلسلة من الأحداث التي أثارت قلقًا محليًا ودوليًا. بدأت الأزمة بإلغاء الرحلات الجوية بين بيروت وطهران، وتطورت إلى احتجاجات وقطع طرقات، وصولًا إلى اعتداء على قوات اليونيفيل، مما وضع أمن لبنان في دائرة الخطر وأثار تساؤلات حول قدرة الدولة على ضبط الوضع.
البداية: قرار أشعل الشارع
في 13 فبراير 2025، ألغت السلطات اللبنانية رحلات جوية بين طهران وبيروت، وسط تقارير عن استخدام هذه الرحلات لأغراض غير مدنية. القرار أثار غضب شريحة من أنصار “حزب الله”، الذين اعتبروا الخطوة خضوعًا لضغوط خارجية. ونتيجة لذلك، خرج عدد من المحتجين إلى الشوارع، وقطعوا طرقات محيط مطار رفيق الحريري الدولي، معبرين عن رفضهم للقرار، فيما انضم إليهم البعض في ممارسات تسببت بشل حركة المطار وتعطيل مصالح المسافرين.
تصاعد الأحداث: الاعتداء على اليونيفيل
في 14 فبراير، تعرض موكب لقوات اليونيفيل لهجوم خلال مروره في منطقة الاحتجاجات، ما أدى إلى إصابة نائب قائد القوة وإحراق مركبة أممية. هذا الاعتداء، الذي نفذه بعض العناصر المنفلتة، أثار صدمة دولية ودفع الأمم المتحدة للمطالبة بتحقيق عاجل. الحكومة اللبنانية استنكرت الحادث ووعدت بمحاسبة المسؤولين، وسط تحذيرات من تداعيات قد تؤثر على مهمة اليونيفيل في الجنوب اللبناني.
“حزب الله”، الذي أقرّ بحق التظاهر السلمي، أشار إلى أن ما حدث من اعتداءات كان من فعل “عناصر غير منضبطة”، إلا أن هذا الموقف أثار تساؤلات حول قدرة الحزب على ضبط تحركات أنصاره، خاصة أن البعض منهم شارك في التصعيد الميداني. فهل أصبح الحزب عاجزًا عن السيطرة على بعض المجموعات، أم أن ما حدث يعكس تباينات داخلية أو حتى اختراقات محتملة؟
ردود فعل غاضبة وتحذيرات دولية
رئيس الحكومة نواف سلام، الذي لا يزال في بداية عهده، وجد نفسه أمام اختبار صعب. وصف الاعتداء على اليونيفيل بأنه “جريمة بحق لبنان”، مشددًا على ضرورة الحفاظ على أمن المطار باعتباره منشأة استراتيجية، فيما حذر من أن مثل هذه الأحداث تعطي لإسرائيل ذرائع إضافية لرفض الانسحاب من المناطق اللبنانية المحتلة.
حركة “أمل” أيضًا أدانت الاعتداءات واعتبرت أن ما قام به البعض يسيء للجنوب ويهدد الأمن الوطني، داعية الأجهزة الأمنية إلى ملاحقة المسؤولين عن هذه الأفعال، سواء كانوا من المعتصمين أو من جهات أخرى.
أيام من الفوضى انتهت بفتح الطرقات، لكنها كشفت عن عمق الأزمة اللبنانية. الاحتجاج حق مشروع، لكن انزلاق بعض المعتصمين إلى ممارسات فوضوية يهدد صورة لبنان وأمنه، ويدفع للتساؤل: هل ستتمكن الحكومة من معالجة جذور الأزمة ومنع تكرارها، أم أن ما حدث سيكون بداية لفصول أخرى من التوتر؟