دولياتمقالات

الشرع يفتح الخط مع إسرائيل : مفاوضات في الظل وتفاهمات بلا شرعية ..

تحقيق خاص – رائد الأحمد

في تحرك غير مسبوق يعكس تبدلًا عميقًا في المشهد السوري، كشف موقع “I24News” الإسرائيلي عن لقاء سري جمع أحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام الإرهابية والمعروف سابقًا بأبي محمد الجولاني، والذي نصّب نفسه “رئيسًا للمرحلة الانتقالية في سوريا”، مع مسؤولين إسرائيليين سابقين، وذلك في العاصمة أبو ظبي بتاريخ 13 نيسان/أبريل الماضي.

الشرع: هناك مفاوضات "غير مباشرة" مع إسرائيل بوساطة إماراتية

اللقاء، الذي وصفه الموقع بـ”غير الرسمي لكن منسّق مسبقاً”، جرى في توقيت بالغ الحساسية، حيث سبق بأيام قليلة ظهور الشرع علنًا في باريس وإعلانه لأول مرة عن وجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، ما يعكس أن ما قيل في العلن كان امتدادًا لمسار بدأ في الكواليس.


لقاء تمهيدي لمرحلة سياسية جديدة

مصادر إسرائيلية أوضحت أن الاجتماع شمل عناصر من الحلقة الضيقة المحيطة بالشرع، إلى جانب شخصيات إسرائيلية مؤثرة في ملفات الأمن الإقليمي، وتناول مواضيع تتعلق بضمان استقرار الجنوب السوري، وضبط خطوط التماس، ومنع تفجر الأوضاع على الحدود.

الطابع “غير الرسمي” للاجتماع لم يُخفِ خطورته السياسية، خصوصًا أنه عُقد في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخ سوريا المعاصر، لحظة تَهاوى فيها النظام السابق فعليًا، وبدأت ترتيبات خارجية تُفرض على السوريين بقوة الأمر الواقع، في مشهد يتقدّم فيه أحمد الشرع إلى الواجهة، لا بصفته ممثلاً للشعب، بل كأداة جديدة في مرحلة مفروضة من فوق.


باريس تشرعن المفاوضات

بعد أيام من هذا اللقاء، ظهر الشرع في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث كشف بوضوح عن وجود “مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء، بهدف التهدئة ومنع فقدان السيطرة”.

ماذا يريد ماكرون من الشرع؟ | سياسة | الجزيرة نت

وقد علّق ماكرون مؤكدًا أن الشرع “مستعد للنقاشات”، ومشيرًا إلى “رغبة فرنسية في أن تتطور الأمور نحو حوار مباشر في المستقبل”، في موقف يُقرأ كغطاء سياسي أوروبي لشرعية شرعٍ جديدة يجري بناؤها بدقة.


إسرائيل تُحسن الاستفادة : لا اعتراف ولا شراكة… بل توظيف للواقع

لا يمكن القول إن إسرائيل غيّرت موقفها من أحمد الشرع، الذي كان ولا يزال محسوبًا على فصائل متطرفة صنفتها تل أبيب كأعداء محتملين . لكنها في المقابل، تُجيد استغلال التحولات الميدانية بما يخدم أمنها، دون الحاجة إلى اعتراف أو شراكة.

الشرع، في نظرها، ليس حليفًا، بل “عامل ضبط” مؤقت يمكن الاستفادة منه ما دام يلتزم بعدم تهديد الجبهة الجنوبية. إنها مقاربة أمنية براغماتية، لا تعني قبولًا سياسيًا، بل توظيفًا مرحليًا لمعطيات الواقع السوري الجديد.


إعادة تأهيل بواجهة انتقالية؟

أكثر ما يثير الريبة في هذه التحركات هو محاولة إعادة تسويق شخصية أثارت جدلاً واسعًا، وارتبطت بانتهاكات إجرامية جسيمة خلال سنوات الحرب، كقائد انتقالي يُفاوض باسم “سوريا الجديدة”.

وهنا يُطرح السؤال الصعب : من منح أحمد الشرع تفويضاً للحديث باسم السوريين؟ ومن قرر أنه يمكن تجاوز تاريخه العسكري والأمني واعتباره فجأة جزءًا من الحل؟


من يُهندس المشهد السوري؟

مع توالي هذه المعطيات، بات مؤكداً أن المشهد السوري يُدار اليوم من خارج حدوده، وبأدوات جديدة .

الشرع لم يعد مجرّد قائد لفصيل مسلح أرهابي ، بل تحوّل إلى واجهة تفاوض إقليمي، ترسم من خلالها قوى كبرى حدود الممكن والممنوع في سوريا.

لكن الواقع يفرض تساؤلاً مصيرياً: هل هذه المرحلة الانتقالية تمثل السوريين؟ أم أنها مجرّد واجهة تُستخدم مؤقتاً ريثما تكتمل شروط تسوية أكبر… لا صوت فيها لأصحاب الأرض؟

شاهد أيضاً :

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
Scan the code
مرحباً..
كيف يمكنني مساعدتك