دوليات

السياحة الثقافية في الإمارات.. ذخائر فريدة تستقطب ملايين السياح..

تمثل السياحة بشكل عام، والسياحة الثقافية خصوصاً، ركيزة أساسية من ركائز رؤية دولة الإمارات واستراتيجيتها، التي تهدف إلى أن تصل مساهمة قطاع السياحة الوطني إلى 450 مليار درهم (نحو 123 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2031، وذلك بفضل ما تمتلكه الدولة من عناصر متكاملة تؤهلها لتحقيق مزيد من الإنجازات في هذا المجال، وجذب ملايين السياح من مختلف دول العالم لخوض تجربة فريدة ونوعية.

وتجمع الإمارات بين العديد من مقومات السياحة الثقافية التي تضعها بقوة على خريطة السياحة العالمية، وتوج موقع «تريب أدفايزر» العالمي، في يوليو الماضي، عدداً من المواقع التراثية والثقافية التابعة لهيئة الثقافة والفنون في دبي بجائزة «اختيار المسافرين 2024»، بعد حصولها على مجموعة كبيرة من الإشادات والتعليقات الإيجابية التي صنّفت كلاً من متحف الشندغة، وحي الفهيدي التاريخي، ومتحف الاتحاد، من أهم وأبرز مناطق الجذب السياحي في دبي. فقد حاز متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي في الإمارات، مجموعة كبيرة من التعليقات الإيجابية التي وصفته بـ«جوهرة دبي الخفية»، بفضل ما يتضمنه من مقتنيات ومعروضات وقصص منقولة وصور فوتوغرافية قديمة توثق نشأة دبي وثقافتها، وصنف المسافرون «حي الفهيدي التاريخي» من أفضل وجهات دبي المحفزة على السياحة الثقافية، حيث يوفر لزواره فرصة اكتشاف ومعايشة أنماط الحياة التقليدية التي كانت سائدة في دبي منذ منتصف القرن الـ19 وحتى سبعينات القرن الماضي، فضلاً عن ما يتميز به من إمكانات ومقومات قادرة على استقطاب الشركات الناشئة وأصحاب المواهب لعرض أعمالهم فيه، ما يعزز من هوية دبي الفنية والإبداعية المستلهمة من التراث المحلي الأصيل، وهو ما يأتي تأكيداً لمكانة دبي البارزة كوجهات مرموقة نابضة بالتجارب الثقافية الإماراتية التي تعكس جهود «دبي للثقافة» الهادفة إلى تعزيز مكانة الإمارة على خريطة السياحة العالمية.

أيضاً فازت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، بجائزة الأداء المتميِّز في مؤتمر مستخدمي إزري الدولي، الذي نظّمته شركة إزري لعام 2024 في سان دييغو، لتطويرها «سجل أبوظبي للبيئة التاريخية»، وهي منصة رقمية طوّرتها إدارة البيئة التاريخية ضمن قطاع الثقافة في الدائرة لتكون مستودعاً مركزياً شاملاً للبيانات المتعلقة بالتراث الثقافي. كما سجلت «سي وورلد أبوظبي» رقماً قياسياً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر مدينة ترفيهية داخلية للأحياء البحرية في العالم، ويأتي هذا الإنجاز بعد أقل من عام على افتتاح المدينة الترفيهية الضخمة للأحياء البحرية، التي تقع في جزيرة ياس بأبوظبي، وتمتد على مساحة إجمالية تزيد على 183 ألف متر مربع، تتوزع على خمسة طوابق داخلية.

وتسعى رؤية حكومة دولة الإمارات إلى رفع إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 4.3% إلى 5% في المستقبل القريب، وكشفت إحصاءات ترجع إلى الربع الأخير من 2022 عن نمو عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يشملها قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الدولة، والذي تجاوز 36 ألف منشأة، بما يعكس الرعاية والدعم الرسمي الذي توليه الإمارات للثقافة باعتبارها من أبرز عناصر القوة الناعمة للدولة، وما تتمتع به دولة الإمارات من طبيعة شكلت حالة عالمية فريدة من نوعها في التسامح واحتضان مختلف شعوب وثقافات العالم.

مبادرات ومتاحف فريدة

وتقوم رؤية الإمارات لدعم الثقافة على محاور عدة، من أبرزها إطلاق مبادرات لدعم التراث العالمي من خلال تسجيل عناصر التراث الإماراتي على قوائم «اليونسكو»، مثل السعي لتسجيل التراث غير المادي للدولة، كالصقارة، والسدو وفن العيالة، والعمل على التعريف بها على مستوى عالمي، وكذلك بالاهتمام بالمواقع الأثرية والتاريخية في الدولة، والعمل على ترميمها وتسجيلها ضمن قوائم التراث المادي لدى «اليونسكو»، مثل جبل حفيت والهيلي وبدع بنت سعود والأفلاج والواحات التاريخية في العين. كما تعتبر المتاحف الفريدة التي تضمها الدولة، مثل متحف المستقبل، ومتحف اللوفر أبوظبي، والمتاحف قيد الإنشاء في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات بأبوظبي، مثل متحف زايد الوطني ومتحف جوجنهايم أبوظبي، فضلاً عن متحف العين، ومتاحف الشارقة، وغيرها، من أبرز محاور استراتيجية الإمارات لتطوير قطاع السياحة والسياحة الثقافية، حيث بلغت قيمة الاستثمار في البنية التحتية للمتاحف التي تضمها السعديات أكثر من 21 مليار درهم، دون احتساب الاستثمارات في المقتنيات التي تضمها هذه المتاحف. كما استقبل اللوفر أبوظبي منذ افتتاحه في عام 2017 خمسة ملايين زائر، شكل الإماراتيون والمقيمون في دولة الإمارات 28% من إجمالي عددهم، في حين شكل الزوار الدوليون 72%، وجاء معظمهم من روسيا الاتحادية، وجمهورية الصين الشعبية، والهند، وفرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وألمانيا، والفلبين.

أجمل شتاء في العالم 

من محاور تنشيط السياحة الثقافية كذلك الفعاليات والأنشطة والمعارض الثقافية والفكرية ذات الطابع العالمي التي تقام على مدار العام، إضافة إلى الحملات السياحية وفي مقدمتها حملة «أجمل شتاء في العالم»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2020، ضمن استراتيجية السياحة الداخلية في دولة الإمارات الهادفة إلى تطوير منظومة سياحية تكاملية على مستوى الدولة لتنظيم السياحة الإماراتية المحلية، بالتنسيق مع مختلف الهيئات والمؤسسات المحلية والاتحادية المعنية بقطاع السياحة والتراث والثقافة والترفيه المجتمعي، بتنسيق من وزارة الاقتصاد، وبدعم من المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات. وتستهدف الحملة مختلف فئات المجتمع الإماراتي من مواطنين ومقيمين وزوار، لتشجيع السياحة الداخلية في مناطق وإمارات الدولة ككل، كوجهة واحدة، مع تسليط الضوء على خصائص وسمات كل إمارة، وإعادة اكتشاف ثروات البلاد الطبيعية والجغرافية والتاريخية، وأماكن الجذب المتعددة على امتداد إمارات الدولة.

استراتيجية أبوظبي السياحية 2030

وتهدف الاستراتيجية السياحية الجديدة لإمارة أبوظبي 2030، التي اعتمدها سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في أبريل الماضي، إلى زيادة أعداد الزوار من نحو 24 مليون زائر في عام 2023 إلى ما يُقارب 39.3 مليون زائر بحلول عام 2030 (زوار الليلة الواحدة وزوار اليوم الواحد)، بنمو سنوي يبلغ 7%، إضافة إلى رفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة من نحو 49 مليار درهم في عام 2023 إلى 90 مليار درهم سنوياً بحلول عام 2030، ترسيخاً لمكانة الإمارة كواحدة من أسرع الوجهات العالمية نمواً في حركة النشاط السياحي.

وشهد قطاع السياحة في أبوظبي خلال عام 2023 قفزة نوعية، حيث استقبلت الإمارة نحو 24 مليون زائر، وأدى ارتفاع عدد نزلاء الفنادق بنسبة 27%، وزيادة عدد الزوار الدوليين بنسبة 54%، إلى تعزيز الاقتصاد، والإسهام في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة بما يقرب من 49 مليار درهم. وكان للزوار من الأسواق الدولية الرئيسة مثل الهند وروسيا والمملكة المتحدة والصين والمملكة العربية السعودية دوراً محورياً في عام 2023، إلى جانب الزوّار الذين استقطبتهم أجندة الإمارة الحيوية النشيطة التي تضم أكثر من 150 فعالية، والشواطئ النقية والمناظر الطبيعية الخلابة، إضافة إلى مواقع الإمارة الثقافية وصروحها المميزة، مثل قصر الحصن وقصر الوطن ومسجد الشيخ زايد الكبير، التي استقطبت أكثر من 8.7 ملايين زائر. وشهدت العروض المقدمة في المتاحف والمهرجانات الثقافية والمعارض الفنية حضوراً كبيراً في متحف اللوفر أبوظبي، ومعرض منار أبوظبي للفن العام، ما يؤكد جاذبية الإمارة المتنوعة.

• 36 ألف منشأة يشملها قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الدولة، حسب إحصاءات الربع الأخير من 2022.


• تجمع الإمارات بين العديد من مقومات السياحة الثقافية التي تضعها بقوة على خريطة السياحة العالمية.

• توج موقع «تريب أدفايزر» العالمي عدداً من المواقع التراثية والثقافية في دبي بجائزة «اختيار المسافرين 2024».

• السياح اختاروا متحف الشندغة، وحي الفهيدي التاريخي، ومتحف الاتحاد، من أهم وأبرز مناطق الجذب السياحي في دبي.

• متحف الشندغة حاز مجموعة كبيرة من التعليقات الإيجابية التي وصفته بـ«جوهرة دبي الخفية»، بفضل ما يتضمنه من مقتنيات ومعروضات توثق نشأة دبي وثقافتها.

• شهد قطاع السياحة في أبوظبي خلال 2023 قفزة نوعية، حيث استقبلت الإمارة نحو 24 مليون زائر، وارتفع عدد نزلاء الفنادق بنسبة 27%، وازداد عدد الزوار الدوليين بنسبة 54%.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى