مقالات

حزب الله بين السياسة والميدان: هل يتحول الحزب إلى لاعب سياسي بحت؟

في المشهد اللبناني المتشابك بين السياسة والميدان، برز حزب الله مؤخراً بتوجهات توحي بتحولات استراتيجية جديدة. مع استمرار عودة النازحين إلى قراهم الجنوبية ومع تصاعد الحديث عن الالتزام بمعادلة “الجيش والشعب والمقاومة”، تتجه الأنظار إلى الحزب، وسط تساؤلات: هل نحن أمام تحول تدريجي نحو دور سياسي بحت، أم أنها مناورة تكتيكية لامتصاص الضغوط الداخلية والخارجية؟

كلمة قاسم وبيان الحزب والمستقبل السياسي للمقاومة

بيان المقاومة الأخير، الذي اعتبر ما جرى إثباتاً عملياً لمعادلتها الشهيرة، أثار تساؤلات حول ما إذا كان الحزب يلمّح إلى تحول استراتيجي قد يرضي خصومه الذين يطالبون منذ 15 عاماً بتحوله إلى مكوّن سياسي بحت. وجاء حديث الشيخ نعيم قاسم ليعزز هذا الطرح، حيث أكد التزام المقاومة باتفاق وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الدولة اللبنانية هي المعنية في مواجهة الاحتلال. تركيز قاسم على منح الدولة دوراً مركزياً في إدارة ملف الجنوب يعكس تحولاً نحو اعتماد المقاومة دوراً داعماً أكثر منه مبادراً، ما قد يُفهم على أنه خطوة نحو تثبيت الحزب كلاعب سياسي أساسي، دون التخلي عن موقعه كضامن عسكري عند الحاجة.

العودة إلى الجذور: بين الشبح المرئي والاستراتيجية القديمة

استذكار نشأة الحزب عام 1982، ودوره “الشبحي” الذي ميّز فترة ما قبل حرب تموز 2006، يعيد إلى الأذهان تكتيكاته القائمة على الغموض والانسيابية. اليوم، يبدو أن الحزب يحاول العودة إلى هذا النمط، حيث يبقى حاضراً بقوة في الميدان، لكنه يتحاشى الظهور الصدامي المباشر مع خصومه. أعلامه المرفوعة والهتافات التي رافقت التحركات الأخيرة كانت شاهداً على بقاء الحزب لاعباً مركزياً في الجنوب اللبناني، رغم كل التحديات.

تمديد التهدئة: مكسب أم مناورة؟

إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تمديد اتفاقية وقف إطلاق النار حتى 18 شباط المقبل، يفتح نافذة جديدة للتسويات، لكنه يبقي الاحتلال الإسرائيلي في القطاع الشرقي للجنوب. هذا الواقع قد يبدو هزيمة في نظر البعض، لكنه في الوقت نفسه يمنح حزب الله ورقة ضغط يمكن استثمارها في الداخل، خاصة في وجه من يطالبونه بالتنازل أو التصرف كمهزوم.

هل بدأ الحراك المضاد؟

إذا كان بيان المقاومة، إلى جانب تصريحات الشيخ نعيم قاسم، خطوة أولى نحو تغيير النهج، فإن ما جرى على الحدود قد يكون انطلاقة “ريمونتادا” سياسية داخلية لحزب الله . حديث قاسم عن “العودة إلى القرى الأمامية كرمز للانتصار”، وإشارته إلى التزام المقاومة بوقف إطلاق النار رغم الخروقات الإسرائيلية المتكررة، يعكس تركيز الحزب على تعزيز دوره السياسي مع الإبقاء على قوة الردع العسكرية كخيار احتياطي. هذه التحركات قد تعيد التوازن إلى المشهد الداخلي، حيث يسعى الثنائي إلى تثبيت مواقعهما ومواجهة التحديات المتزايدة، مع إبراز صورة الحزب كجزء لا يتجزأ من الدولة اللبنانية.

في المحصلة

يبقى السؤال الأساسي: هل نحن أمام تحول استراتيجي في سياسة حزب الله، أم أن الأمر لا يعدو كونه تكتيكاً مرحلياً في مواجهة ضغوط متزايدة؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة، لكنها بالتأكيد ستبقى مثيرة للاهتمام والترقب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
Scan the code
مرحباً..
كيف يمكنني مساعدتك