
“بين المحاصصة والكفاءات: مسار تشكيل الحكومة في لبنان”
مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، بات تشكيل الحكومة العنوان الأبرز داخليًا وخارجيًا، حيث بات هذا الملف على طاولة اللجنة الخماسية الدولية أيضًا. ووفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان تتطلب تجاوز منطق المحاصصة السياسية الذي طبع الحكومات السابقة، لصالح تشكيل حكومة كفاءات تلبي تطلعات الشعب اللبناني وتتماشى مع الرؤية الإصلاحية المنشودة.
الرئيس المكلف وتحديات المرحلة
بحسب المصادر الدبلوماسية، من الضروري أن يتأنى الرئيس المكلف نواف سلام في تشكيل الحكومة، لضمان ولادة حكومة تحاكي طموحات اللبنانيين بعيدًا عن ضغوط وشروط القوى السياسية التقليدية. وقد أشارت هذه المصادر إلى أن اللجنة الخماسية الدولية مستعدة لمواكبة هذا المسار الحكومي، تمامًا كما فعلت خلال انتخابات الرئاسة وتكليف رئيس الحكومة.
في السياق نفسه، أكدت مصادر مطلعة أن اللقاء بين رئيس الجمهورية جوزيف عون والرئيس المكلف كان إيجابيًا، حيث جرى التفاهم على ضرورة انتهاج أسلوب جديد في تشكيل الحكومة، بعيدًا عن النهج التقليدي الذي كان يعطل التشكيل سابقًا. وأفادت المعلومات بأن رئيس الجمهورية يحترم صلاحيات الرئيس المكلف بشكل كامل، مما يعزز فرص نجاح هذا المسار.
حكومة كفاءات بمواجهة المطالب السياسية
المعلومات المتداولة تشير إلى أن الرئيس المكلف يتجه نحو تشكيل حكومة كفاءات، لا تستفز القوى السياسية ولكنها تبقى مستقلة عنها إلى حد كبير. وقد أبلغ سلام القوى السياسية بضرورة التواضع في مطالبها، لأن المرحلة لا تحتمل شروطًا تعجيزية قد تعرقل التشكيل.
الرئيس المكلف، وفقًا لمصادر مقربة، لن يتعامل مع أي طرف سياسي بطريقة مختلفة عن الآخرين، ما يعني أن الثنائي الشيعي، على سبيل المثال، لن يكون في موقع يسمح له بفرض شروط خاصة به. وإذا فُرضت شروط من أي طرف، فإن ذلك سيفتح الباب أمام باقي القوى لطرح مطالبها، ما سيُعيد البلاد إلى دوامة المحاصصة.
الأسماء المطروحة والحقائب الوزارية
حتى الآن، بدأت تتسرب بعض الأسماء المرشحة لتولي الحقائب الوزارية، ومنها:
• فايز رسامني لحقيبة الأشغال.
• عامر البساط لحقيبة الاقتصاد.
• مارون حتي لوزارة الدفاع.
• بول سالم أو غسان سلامة لوزارة الخارجية.
• طلال عتريسي لوزارة العمل.
أما الحقائب الشيعية، فتبرز فكرة تعيين وزير شيعي من خارج الثنائي، وهو طرح غير مألوف في التوازنات اللبنانية، لكنه يعكس الرغبة في كسر القواعد التقليدية. وبالنسبة لوزارة المال، لم يُحسم الاسم حتى الآن، رغم كل ما يُشاع حولها.
الانسحاب الإسرائيلي والمهلة المفتوحة
على صعيد آخر، ومع اقتراب انتهاء مهلة الستين يومًا للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، تُرجح مصادر دبلوماسية أن الانسحاب لن يتم بشكل كامل، إذ قد تحتفظ إسرائيل ببعض المواقع داخل الأراضي اللبنانية، مما يبقي الوضع مفتوحًا على تطورات سياسية وأمنية محتملة.
نحو مرحلة جديدة؟
لبنان يقف اليوم أمام فرصة تاريخية لتجاوز مأزق المحاصصة السياسية، ولكن نجاح هذه المهمة مرهون بمدى قدرة القوى السياسية على التنازل عن مطالبها الضيقة لصالح تشكيل حكومة كفاءات مستقلة. فهل ستكون الحكومة الجديدة مدخلاً لاستعادة الثقة الدولية والمحلية؟ أم أن القوى التقليدية ستعيد البلاد إلى دوامة التعطيل والمراوحة؟
الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.