
لم تتوقف المجازر في سوريا الناس تُقتل بدمٍ بارد، والأطفال يُعدمون في وضح النهار، والدم يُمسح بشرع مزيف وبيانات جوفاء. كل شيء يحدث أمام الكاميرات، وتحت أعين “لجان الجولاني” التي شُكّلت بقرار من أحمد الشرع، بزعم أنها لجان تحقيق… لكنها، في نظر الضحايا، مجرّد ستار لإخفاء الجريمة، وربما للمشاركة فيها.
في أحدث تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان، تم توثيق 22 حالة إعدام ميداني طائفي منذ 31 آذار الماضي، بينهم طفلان. توزعت الجرائم على طرطوس (11 حالة)، حمص (8 حالات)، وحماة (3 حالات).
وفي أول أيام عيد الفطر، صُدم السوريون بصورة الطفل إبراهيم شاهين من ريف بانياس – قرية حرف بنمرة، الذي قُتل بلا سبب سوى اسمه وانتمائه. صورته، بجسده النحيل وملابسه البالية، صارت شهادة حيّة على الانهيار الأخلاقي الكامل .
“قالوا لي: اذهب وأحضره قبل أن تأكله الكلاب”
من قرية الرصافة – ريف مصياف، يروي والد الشاب سليمان رشيد سعد بوحشيفة تفاصيل الجريمة التي هزّت المنطقة:
“قتلوا ابني سليمان بوحشية، ثم اقتلعوا قلبه وقالوا لي بسخرية: (اذهب وأحضره قبل أن تأكله الكلاب). لكنهم تركوا لي الصغير… مريض السرطان.”
هذه الكلمات ليست خطابًا سياسيًا ولا مبالغة إعلامية، بل شهادة رجل فقد قلبه مرتين: مرّة حين فقد ابنه، ومرّة حين رأى القتلة يخرجون بلا حساب.
لجان للشرع أم واجهة لدولة داعشية؟
أحمد الشرع أعلن عن تشكيل لجان للتحقيق في الانتهاكات، لكن الواقع يُثبت شيئًا آخر: لا محاسبة، لا نتائج، لا شفافية، لا محاكم. بل مشاركة مباشرة في القتل، وجرائم تُنفذ بعيدًا عن الكاميرات وتُغلف ببيانات تافهة.
ما يحدث اليوم لا يشبه مرحلة فوضى… بل يُشبه نظامًا داعشياً بوجه مختلف، يزعم أنه “دولة”، بينما يمارس أبشع أشكال الإقصاء والتصفية تحت غطاء ديني هش. شرعٌ على مقاس القتلة، لا علاقة له بالعدل، ولا حتى بالحد الأدنى من الإنسانية.
المرصد: 1700 قتيل في شهر… وما خفي أعظم
المرصد السوري وثّق خلال شهر آذار فقط مقتل أكثر من 1700 مدني أعزل، غالبيتهم من أبناء الطائفة العلوية، في سياق إعدامات ميدانية متفرقة، بعضها مصوّر وموثق. ورغم مناشداته المتكررة لوقف التحريض الطائفي وإصدار فتاوى تُحرّم سفك الدم السوري، لم تتجاوب الجهات المعنية… بل تتسع رقعة المجازر أكثر يوماً بعد يوم.
وهذا فقط ما تم توثيقه، فما بالنا بما لم يُوثّق؟ كم من جريمة طُمرت مع ضحاياها في الليل؟ وكم من اسمٍ اختفى بلا أثر؟ الأرقام لا تُظهر الحقيقة الكاملة… لكنها كافية لفضح نظام دموي يُخفي جرائمه خلف لجان مزيفة وخطابات كاذبة
المجازر مستمرة… والقاتل ليس وحده، بل من أطلق يده، ومن منحه “لجنة”.