سياسةمقالات

من اغتيال رئيسي إلى سقوط الأسد: كيف تغيرت معالم الشرق الأوسط؟

من اغتيال رئيسي إلى سقوط الأسد: كيف تغيرت معالم الشرق الأوسط؟

شهدت منطقة الشرق الأوسط تطورات استراتيجية معقدة في السنوات الأخيرة، بدءًا من اغتيال إبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني في 2024، مرورًا بتسارع الأحداث السياسية والعسكرية في غزة ولبنان ، وصولًا إلى سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يعد أحد أعمدة محور المقاومة في المنطقة. هذه الأحداث تطرح تساؤلات حول التحولات الجيوسياسية الكبرى التي ربما تكون في طور التنفيذ، وما إذا كانت هذه التحولات تعكس تغييرًا دراماتيكيًا في خارطة الشرق الأوسط.

* اغتيال رئيسي: بداية الحروب الخفية

في عام 2024، كان اغتيال إبراهيم رئيسي بمثابة الحدث المفاجئ الذي هز إيران وأثار حالة من الارتباك السياسي والاقتصادي في المنطقة. رئيسي، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات في النظام الإيراني ويمثل الاستمرارية الأيديولوجيةلطهران، كان يشكل حجر الزاوية في استراتيجية إيران الإقليمية. ولكن، اغتياله لم يُعلن عن كونه عملية مخطط لها  ، حيث اعتُبرت الحادثة بسبب سوء الأحوال الجوية، وهو ما أثار العديد من التساؤلات .

* صمت إيران وارتباطه بتحديات كبرى

بعد اغتيال رئيسي، اختارت إيران الصمت، حيث اعتُبرت الحادثة بسبب سوء الأحوال الجوية وهو ما يعكس حالة من الارتباك أو الحذر الكبير بسبب احتمال حدوث تصعيد مع إسرائيل أو الولايات المتحدة. يبدو أن إيران كانت في خضم إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية والدولية، مفضلة تجنب أي تصعيد في الوقت الذي كانت فيه التوترات في غزة و لبنان تصل إلى مستويات غير مسبوقة.

بعض التحليلات اعتبرت أن هذا الصمت كان بسبب القلق من حرب إقليمية، في ظل وجود استراتيجيات دولية تهدف إلى إضعاف محور المقاومة، فإيران قد تكون في مرحلة تفاوض على تسوية مع القوى الكبرى التي قد تتضمن تنازلات إقليمية.

* اغتيال إسماعيل هنية و السيد حسن نصرالله: بداية تصفية القيادات

في ظل تصاعد هذه الضغوط، جاءت حوادث اغتيال أخرى، أبرزها إسماعيل هنية في طهران  و السيد حسن نصرالله في لبنان. هذا التصعيد في استهداف القيادات كان يهدف إلى تقويض محور المقاومة من الداخل.

الاغتيالات المتتالية لهذه القيادات لم تكن فقط محاولات لتقويض القدرات العسكرية والسياسية لحزب الله وحماس، بل أيضًا خطوة نحو إضعاف القيادة السياسية التي كانت ترفض التسويات الإقليمية، مما يسمح للخصوم بإعادة رسم خارطة التحالفات في الشرق الأوسط.

* الحرب على غزة ولبنان: استنزاف المحور

في الوقت ذاته، اشتعلت الحروب في غزة ولبنان، حيث كانت إسرائيل تقوم بعمليات عسكرية مكثفة ضد حركة حماس في غزة و حزب الله في لبنان. كان الهدف من هذه الحروب إضعاف محور المقاومة بشكل أكبر. مع كل تقدم عسكري في هاتين الجبهتين، كانت إيران وحلفاؤها في سوريا ولبنان يواجهون استنزافًا كبيرًا في مواردهم البشرية والعسكرية. هذا الاستنزاف كان يُعد تمهيدًا لـ تغيير ديناميكيات الصراع في المنطقة، مما يعكس تحولًا جيوسياسيًا كبيرًا.

سقوط الرئيس بشار الأسد: الذي اعتبره البعض نهاية للمحور

وفي هذه الأثناء، بدأت علامات سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا تظهر، وكان ذلك بمثابة الحدث الأهم في سياق تفكيك محور المقاومة فإن سوريا، التي كانت بمثابة  العمود الفقري للمحور من خلال ربط طهران ببيروت عبر دمشق. مع سقوط الأسد، فقد المحور أحد أهم حلفائه في المنطقة، مما أدى إلى تقطيع طريق الإمداد إلى حزب الله في لبنان.

يبدو واضحاً للجميع أن سقوط الأسد لم يكن مجرد نتيجة للحرب الأهلية السورية التي دامت أكثر من عشر سنوات، بل كان أيضًا جزءًا من خطة أكبر تهدف إلى إضعاف تأثير المحور في المنطقة. من خلال سقوط الأسد، أصبحت سوريا في قبضة قوى معارضة و دولية، مما أعطى مساحة أكبر لقوى مثل إسرائيل  وتركيا و الولايات المتحدة للنفوذ في سوريا، وبالتالي إضعاف محور المقاومة.

* التفسير الجيوسياسي: تغيير في خارطة الشرق الأوسط

من خلال هذه السلسلة من الأحداث، يبدو أن التغيير الجيوسياسي في الشرق الأوسط أصبح أمرًا لا مفر منه. ، فإن سقوط الأسد واغتيال القيادات العسكرية والسياسية يعد تحولًا استراتيجيًا يهدف إلى إعادة رسم التحالفات في المنطقة.

خاتمة:

من اغتيال رئيسي إلى سقوط الأسد، يشهد محور المقاومة تحولات ضخمة قد تكون بداية نهاية حقبة من النفوذ الإيراني في المنطقة. هذه الأحداث ترسم ملامح خارطة جديدة للشرق الأوسط، تتسم بتغييرات استراتيجية كبيرة تتطلب من إيران وحلفائها إعادة تقييم أساليبهم في التعامل مع الواقع الإقليمي المتغير.

فهل نحن أمام نهاية لمحور المقاومة؟ هذا السؤال لا يزال مطروحًا. شاركونا آراءكم على المقال ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
Scan the code
مرحباً..
كيف يمكنني مساعدتك