“مستقبل سوريا في خطر: أحمد الشرع وحكم الفرد في بلد التنوع”
“مستقبل سوريا في خطر: أحمد الشرع وحكم الفرد في بلد التنوع”
منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، دخلت سوريا مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية.
وفي غياب مؤسسات ديمقراطية حقيقية، برزت شخصيات فرضت نفسها على الساحة، دون تفويض شعبي أو انتخابي.
من بين هؤلاء، أحمد الشرع، الذي نَصَّبَ نفسه رئيساً لسوريا في خطوة أثارت الجدل والقلق. الشرع، الذي ينتمي إلى تيار متشدد، تصرف وكأنه الممثل الشرعي الوحيد للبلاد، مستقبلاً الوفود، مودعاً السفراء، وصاحب القرار الأوحد في ملفات مصيرية. هذا المشهد، الذي يعيد للأذهان حقباً من الاستبداد الفردي، يتعارض مع روح التنوع السوري التي لطالما كانت صمام أمان لوحدة البلاد.
المواقف التي اتخذها الشرع تعكس عقلية متصلبة تثير مخاوف الكثيرين داخل وخارج سوريا. رفضه مصافحة وزيرة خارجية ألمانيا خلال زيارتها الأخيرة لسوريا، بدعوى دينية، شكّل إشارة واضحة على توجهه المتشدد، وهو ما اعتُبر تجاوزاً للبروتوكولات الدبلوماسية وإضراراً بعلاقات سوريا الخارجية.
لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، فقد أثار الشرع استياء السوريين عندما أجبر فتاة في الشارع على تغطية رأسها أثناء تصويره معها، في مشهد يعكس استبداداً يتسلل حتى إلى الحياة اليومية. سوريا، التي عُرفت بتنوعها الثقافي والديني، تجد نفسها اليوم أمام خطر إلغاء هذه الخصوصية، لصالح أحادية فكرية تمثل تهديداً حقيقياً للنسيج المجتمعي.
إن سوريا ما بعد الحرب بحاجة إلى قادة يحملون رؤية توحيدية، تحترم اختلافات السوريين، لا إلى شخصيات تعيد إنتاج أزمات جديدة عبر فرض أنماط حياة وقيم على شعب متعدد الأطياف. حكم الفرد، مهما كان غلافه دينياً أو وطنياً، ليس الحل لمستقبل سوريا.
الشرع ومن على شاكلته لا يمثلون الأمل الذي ينتظره السوريون. إنما هم امتداد لمرحلة عدم الاستقرار، وربما بوابة لأزمات أشد تعقيداً. وحده التوافق الوطني الحقيقي، المبني على الحوار والشراكة، يمكن أن يفتح لسوريا نافذة على مستقبل أكثر إشراقاً.