تحت عنوان “في «الحارة» لا شيء يوحي بالحياة” كتبت زينب حمود في الأخبار:
لا تزال منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية تعيش صدمة العدوان الإسرائيلي مساء أول من أمس. المنطقة المعروفة بالاختناق المروري كانت هادئة أمس، حركة السير خفيفة وصولاً إلى محيط مكان الاستهداف المُطوّق أمنياً. في هذه الرقعة تحديداً من «الحارة» لا يوجد ما يوحي بالحياة، المحالّ مقفلة في عزّ النهار، الأبنية الأربعة المحيطة بالمبنى المستهدف أُخليت بالكامل، شبان إلى جانب الطريق يتأمّلون المكان بوجوه شاحبة، يترقّبون خبراً عن مصير القائد الجهادي في حزب الله فؤاد شكر، قبل أن يتأكد خبر شهادته.بين الحين والآخر تكسر بعض وسائل الإعلام الصمت بينما تبحث عن أقرب زاوية لالتقاط صورة لساحة المجزرة، عند مدخل الشارع المؤدي إلى ركام البناء، حيث واصلت الفرق عمليات البحث عن مفقودين في مساحة ضيقة جداً، ما اضطرها إلى تحطيم جدران محلّ محاذ لكي تتمكّن جرافة من الدخول. بين آليات الإسعاف وجوانب الطريق ينتشر العشرات من عناصر الإنقاذ والإسعاف، يتمدّدون منهكين، إذ لم ينم بعضهم طوال ليلة العدوان.
لم تخفِ «الحارة» حزنها على الطفلين الشقيقين حسن وأميرة فضل الله اللذين استشهدا بينما كانا في زيارة عائلية إلى منزل أحد الأقارب. «لم يبقَ أحد من العائلة الكبيرة لم يسأل عنهما، حتى إنّ الوالدين غادرا المستشفى بعد معالجة جروحهما مسرعين إلى مكان الحادثة لمعرفة مصير ولديهما، وبعدما سحبنا جثمانيهما طلبنا منهما التوجه إلى المستشفى»، بحسب المسعفين. وصلت الوالدة إلى مستشفى بهمن، وهي تسأل بقلق: «هل من خبر جديد؟ هل ما زالا مفقودي الأثر، أم تأكد خبر شهادتهما؟». ولم يعرف الفريق الطبي في المستشفى كيف يخبرها بأنها خسرت في لحظة ولدين. لكن ردّة فعلها عندما عرفت «فاجأتنا جميعاً، إذ بدت جبّارة ولم تحتَج إلى مواساة بل راحت تواسي بقية العائلة لأنها، كما قالت لهم: الآن ارتحت عندما عرفت مصيرهما»، كما ينقل أحد الممرضين في المستشفى. وإلى الشقيقين، استشهدت وسيلة بيضون التي كانت تزور والدتها. كما استشهدت هناء الحكيم وابنتها الدكتورة سلوى البيطار.
لملمت «الحارة» جرحاها ووزّعتهم على المستشفيات الثلاثة المجاورة: بهمن والساحل والرسول الأعظم. يقول مدير منطقة بيروت في الدفاع المدني – الهيئة الصحية رجا زريق إن فرق الإنقاذ «في الساعة الأولى بعد الاعتداء عملت على تمشيط المكان ونقل الإصابات من البناء المُستهدف والأبنية المتلاصقة، إضافة إلى إصابات وقعت بين المارة سيراً أو في سياراتهم نتيجة الاختناق وتطاير الزجاج والردم والحجارة». وأوضح أنّ «ثلث المصابين جرى انتشالهم من المبنى المستهدف المؤلّف من 8 طوابق مأهولة».
بحسب ما يطمئن زريق، «أغلب المصابين في حالة مستقرة أو أصيبوا إصابات متوسطة لم تستدع إجراء عملية جراحية، وجزء كبير منهم غادر المستشفى، ففي مستشفى الرسول الأعظم مثلاً، لم يعد هناك أي جريح من أصل الجرحى الثمانية الذين استقبلهم المستشفى». فيما لم يسجل مستشفى بهمن عدد الجرحى، «فعندما وقعت الغارة قامت الدنيا وتدفّق المصابون إلى كل مداخل المستشفى، ولم ندوّن أسماء»، بحسب مصادر المستشفى التي قدّرت عددهم «بين 50 و60 إصابة». كما نال المستشفى نصيبه من الضرر، ولا سيما عند المدخل الخلفي المحاذي لمخزن البضائع، من دون أن تُسجل أي إصابة بين المرضى أو العاملين، باستثناء حارس أصيب بحالة اختناق إثر تصاعد الدخان وتناثر الرمال والحجارة في الأرجاء.
«الحارة» كئيبة بعدما أسفر العدوان عن خسائر بشرية بلغت 5 شهداء مدنيين وعشرات الجرحى، ومادية في الأبنية والمحالّ وعدد من السيارات على جوانب الطريق وثماني سيارات طُحنت تحت ركام المبنى.