
الحرب الاقتصادية بدأت: العالم يدخل مرحلة كسر العظام ..
بقلم : الصحفي حسين حرقوص

زيورخ : الثلاثاء، 9 أبريل 2025
لم تعُد لغة العقوبات والتعريفات الجمركية مجرّد أدوات ضغط في لعبة التفاوض الدولية، بل تحوّلت إلى سلاحٍ فتاك يُستخدم علنًا في حرب اقتصادية شاملة بدأت ملامحها تتجسّد. إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125%، في مقابل تعليقها على دول أخرى، هو إعلان صريح بأن المعركة لم تعد سرّية، وأن الحرب الاقتصادية قد بدأت فعلًا.
في العقود الماضية، كانت الحروب الاقتصادية تُدار بصمت، ضمن أروقة المؤسسات المالية، وصناديق الاستثمار، وأسواق الطاقة. أما اليوم، فقد خرجت إلى العلن، تقودها رؤوس أنظمة، وتُبثّ تصريحاتها على الهواء مباشرة، فيما تُسجَّل ارتداداتها العنيفة في أسواق الأسهم، وسلاسل التوريد، وموائد الشعوب.
أسباب المعركة: الهيمنة أم البقاء؟
تسعى واشنطن لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، بما يعيد مركز القوة نحو الصناعات الأمريكية، ويُضعف الاعتماد على الصين كعملاق تصنيعي عالمي. في المقابل، ترى بكين في ذلك محاولة لتطويق نموها، وخنق طموحها في التحول إلى القوة الأولى في العالم.
النتائج: كرة ثلج لا تتوقف
ارتفاع التعريفات بنسبة 125% سيؤثر على مئات الشركات العالمية، بدءًا من آبل التي تعتمد على التصنيع الصيني، وصولًا إلى سلاسل الإمداد الأوروبية التي تستورد المواد الخام عبر آسيا. هذه الحرب لن تبقى بين أمريكا والصين فقط، بل ستطال كل دولة مرتبطة بالاقتصادين العملاقين، ما ينذر بشتاء اقتصادي قاسٍ.
الأسواق تترنح
رغم صعود مؤشرات البورصة الأمريكية بشكلٍ مفاجئ بعد إعلان ترامب، فإن الخطر الحقيقي يكمن في المدى المتوسط والبعيد. إذ تتحدث تقارير اقتصادية عن إمكانية تقلّص التجارة العالمية بنسبة قد تصل إلى 80%، إذا استمرّ التصعيد بنفس الوتيرة. والأسوأ من ذلك: احتمالية انتقال الحرب الاقتصادية إلى قطاع العملات، مما يعني دخول العالم في مرحلة “كسر العظام” المالي.
هل من مخرج؟
لا تبدو التهدئة قريبة. فمع كل خطوة تصعيدية، تزداد الحناجر السياسية تشدّدًا، وتضع الشعوب في مرمى التجاذبات. ربما يكون الحلّ الوحيد هو انبثاق تكتل دولي ثالث يفرض التوازن، ويمنع الانزلاق إلى نقطة اللاعودة.