
في مشهد سريالي مضحك حدّ البكاء، تتحرك إسرائيل داخل سوريا وكأنها في أرض بلا صاحب، تقصف حيث تشاء، تتوغل متى تريد، واليوم لم تعد تفصلها سوى أمتار عن القصر الذي استولى عليه “البطل المحرر” أحمد الشرع. ومع ذلك، لا يزال الرجل يحتفل بـ”النصر العظيم”، منشغلًا بملاحقة ما يسميه “فلول النظام”، وكأن الخطر الحقيقي الذي يهدد وجوده ليس الدبابات الإسرائيلية التي تقترب من عتبة قصره، بل بعض المسؤولين السابقين الذين خرجوا من المشهد !
“نصرٌ عظيم”… ولكن لمن؟
منذ سقوط نظام الرئيس الأسد، لم يتغير شي. إسرائيل اليوم أقوى من أي وقت مضى، والقوات السورية ” الجديدة ” لا تزال تتعامل مع الوضع وكأنها بحاجة لإذن دولي للتحرك داخل أراضيها. أما الشرع، فهو لا يزال “يحتفل” بالنصر، ذلك النصر العظيم الذي لم يغيّر شيئًا سوى اللافتات على مداخل دمشق.
إسرائيل تتقدم… والشرع مشغول بـ”الفلول”!

منذ أيام، اجتاحت القوات الإسرائيلية درعا والقنيطرة، سيطرت على مواقع استراتيجية، أرسلت طائراتها لقصف مواقع في ريف دمشق، وأصبحت أقرب من أي وقت مضى إلى العاصمة. لكن في القصر، لا يبدو أن هناك أي قلق. فـ”القائد المحرر” لم يكلف نفسه حتى عناء إصدار بيان، لم يستنكر، لم يهدد، ولم يعلق، ومع ذلك، يبدو أن الشرع لا يرى أي مشكلة، فالقوات الإسرائيلية اليوم تبعد بضعة كيلومترات عن منزله، لكنه لا يزال يتعامل مع الأمر وكأنه مجرد “سوء تفاهم”! في الوقت الذي تسقط فيه القذائف على الأراضي السورية، يهرول الشرع إلى الأردن للقاء الملك عبد الله، على أمل أن يجد هناك حلًا سحريًا… أو بالأحرى، فرصة للظهور بمظهر القائد المسؤول.

“القائد المحرر”… بطل بلا معركة!
لا معارك، لا قرارات، لا بيانات، لا ردود فعل. كل ما يمكن للشرع أن يفعله هو الاستمرار في الحديث عن “السيادة” و”النصر”، بينما الواقع يتجه نحو سقوط جديد، هذه المرة ليس بيد “الفلول”، بل بيد قوة لا تراه أصلًا جزءًا من المعادلة.
أما إسرائيل، فهي تعرف جيدًا أنه لن يتحرك، لأنه ببساطة لا يستطيع، ولن يرد، لأنه ليس مسموحًا له بالرد، ولن يواجه، لأنه لا يملك ما يواجه به. بالنسبة لها، وجوده أو عدمه لا يغير شيئًا، فهو مجرد مرحلة انتقالية يتم التحكم بها عن بعد.
أمّا الحقيقة ؟
إسرائيل، من جهتها، لم تكترث لأي “استنكار”، بل أكدت أنها لا تثق في الحكومة الجديدة وأنها ستواصل ضرباتها الجوية وعملياتها البرية متى أرادت. وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، صرّح بوضوح أن “الوجود السوري جنوب دمشق غير مقبول”، وكأن الجنوب السوري أصبح حديقة إسرائيلية خاصة !

فالحقيقة أن إسرائيل لا تأخذه بجدية أصلًا. بالنسبة لها، هو مجرد دمية تركية، لاعب مؤقت لا يمتلك أي قرار، ولا يملك الجرأة حتى على التصريح، لأنه ببساطة يعرف حدوده. لم يُنتخب، لم يأتِ بقرار سيادي، بل جيء به ليكون جزءًا من ترتيبات ما بعد الأسد، لا أكثر ولا أقل. واليوم، فيما يزحف الجيش الإسرائيلي نحو دمشق، هو آخر من يُسأل عن موقفه، لأنه في نظر الجميع مجرد واجهة بلا سلطة حقيقية.
دمشق… النهاية تقترب؟
سنستيقظ قريبًا لنرى الدبابات الإسرائيلية في ساحة الأمويين ، بينما أحمد الشرع يهرول بين الغرف، متسائلًا : هل بقي هناك “فلول” يمكنه مطاردتهم ؟ أم أن الوقت قد حان ليصبح هو نفسه من “الفلول”؟
في مسرحية كهذه، النهاية ليست سوى مسألة وقت، لكنها بالتأكيد لن تكون بيد “البطل المحرر”، لأنه ببساطة… لم يكن يومًا بطلاً !
تنويه
هذه المقالة تستند في أغلب ما ورد فيها إلى تعليقات وآراء متداولة بين أفراد الشعب السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تحليلات المراقبين السياسيين للأوضاع الراهنة.