لم يكن تحليق الطائرات الإسرائيلية على علو منخفض فوق بيروت خلال جنازة تشييع السيد حسن نصر الله خطوة مفاجئة، بل جاء ضمن سياق التصعيد المستمر في المنطقة. هذه الخطوة، التي أثارت ردود فعل متباينة، كانت متوقعة في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على استعراض القوة وبث رسائل الردع. وبينما اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن التحليق كان رسالة تحذير واضحة، يرى محللون لبنانيون أن ما جرى لا يعدو كونه استعراضًا صبيانيًا بلا جدوى عسكرية حقيقية.
وجهة النظر الإسرائيلية: رسالة ردع واضحة
وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، صرّح بوضوح حول الهدف من التحليق، قائلًا:
“طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي تحلق الآن في سماء بيروت خلال جنازة السيد حسن نصر الله، تنقل رسالة واضحة: من يهدد بتدمير إسرائيل ويهاجمها، فهذه ستكون نهايته.”
وأضاف: “ستتخصصون في الجنازات، ونحن في الانتصارات.”
من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن هذا التحليق يأتي ضمن سياسة الردع الاستباقي، والتي تهدف إلى التأكيد على أن لا شيء خارج نطاق السيطرة الإسرائيلية، حتى في أكثر اللحظات الرمزية بالنسبة لـ”حزب الله”. كما يعكس هذا التصرف إصرار إسرائيل على إبقاء الضغط النفسي قائمًا، وتوجيه رسالة مفادها أن القيادة والجمهور في لبنان يجب أن يبقوا تحت التهديد المستمر.
وجهة النظر اللبنانية: استعراض بلا قيمة عسكرية
على الجانب اللبناني، يرى محللون أن التحليق الإسرائيلي لم يكن إلا عملًا صبيانيًا يهدف إلى الاستفزاز أكثر منه إلى تحقيق مكاسب فعلية.
فمن الناحية العسكرية، لا جديد في كون إسرائيل تمتلك سيطرة جوية في الأجواء اللبنانية، والتحليق فوق الجنازة لم يغير أي شيء على أرض الواقع، ولم يؤثر على سير المراسم أو على التوازنات العسكرية القائمة.
كما أن التحليق على علو منخفض في حدث بهذا الحجم تفسَّر على أنها محاولة للتغطية على فشل في فرض معادلة ردع طويلة الأمد، حيث أن إسرائيل، رغم تنفيذها عملية اغتيال السيد نصر الله، لا تزال بحاجة إلى اتخاذ خطوات دعائية إضافية لإثبات تفوقها.
بين الحرب النفسية والاستعراض غير المدروس
إذا كان الهدف من التحليق هو فرض الهيمنة الجوية ورسائل عسكرية ، فإن التساؤل المطروح هو: هل تحتاج إسرائيل إلى إثبات شيء يُفترض أنه محسوم بالفعل؟
