
بعد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول، تفاقمت معاناة سكان القرى الثلاثين الواقعة ضمن الأراضي السورية، والتي تعود ملكية أراضيها إلى سكان لبنانيين نزح معظمهم إلى منطقة الهرمل. هذه القرى، التي سلخها اتفاق “سايكس بيكو” في العام 1916، أصبحت ساحة صراع جديد مع سيطرة قوى محلية مسلحة، أبرزها هيئة تحرير الشام، التي فرضت وجودها في المنطقة بعد انسحاب القوات السورية النظامية.
النزوح ومعاناة السكان
مع انهيار الأمن في الداخل السوري، نزح سكان معظم القرى إلى لبنان، حيث يواجهون ظروفًا معيشية صعبة داخل مخيمات ومنازل مؤقتة في الهرمل. فيما بقيت أربع قرى فقط مأهولة: حاويك، جرماش، وادي العرايش، وأكوم معيان، إذ يواجه سكانها ضغوطًا أمنية واقتصادية شديدة، في ظل الاشتباكات مع هيئة تحرير الشام التي تسيطر على المنطقة.

الأوضاع الأمنية
تذرّعت هيئة تحرير الشام بملاحقة مطلوبين بتهم جنائية وتفكيك معامل تصنيع مواد ممنوعة، مثل الكبتاغون، لتبرير هجماتها على القرى الأربع. ومع ذلك، يشير سكان محليون إلى أن الحملات تتجاوز الأبعاد الأمنية وتستهدف السيطرة الكاملة على المنطقة بعد انسحاب الجيش السوري النظامي وتفكك أجهزته الأمنية. وقد أُفيد عن سقوط قتلى وجرحى من جنسيات أجنبية، مثل الباكستانيين، ضمن صفوف القوى المهاجمة، مما يزيد من تعقيد المشهد.
تطورات ميدانية جديدة
حتى اللحظة، تتواصل الاشتباكات العنيفة بين هيئة تحرير الشام وعشائر بعلبك-الهرمل على الحدود اللبنانية-السورية، مما زاد من توتر الوضع الأمني. وردًا على ذلك، أعلن الجيش اللبناني حالة استنفار قصوى على الحدود، بعد حصوله على قرار رئاسي واضح بالرد على كل مصادر النيران التي تهدد الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين.


التحركات لحل الأزمة
في محاولة لاحتواء الوضع، تواصلت شخصيات عشائرية من الهرمل مع الجانب السوري، وتم تكليف وسيط لبناني من المنطقة لنقل رسالة إلى الرئيس نجيب ميقاتي، الذي بحث الملف خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق. كما تم التواصل مع القيادة السورية الجديدة لبحث إمكانية تأمين عودة المهجّرين إلى قراهم وضمان سلامتهم.
نحو حل شامل
يتطلب هذا الملف معالجة دقيقة وحذرة لضمان حقوق السكان واستقرار المنطقة. فالحل لا يقتصر على توفير الأمن، بل يشمل أيضًا إعادة السكان إلى أراضيهم ومنازلهم، مع معالجة التوترات مع القوى المحلية المسيطرة. إن التنسيق بين الحكومة اللبنانية والجانب السوري الجديد، إلى جانب دعم المجتمع الدولي، يمكن أن يفتح الباب أمام حل شامل ومستدام.
في انتظار ذلك، يبقى سكان القرى الثلاثين بين المعاناة اليومية والتوتر الميداني، بينما تشهد الحدود معارك متواصلة تحتاج إلى حلول عاجلة لضمان استقرار المنطقة وسلامة أهلها.
شاهد أيضا :