
الحوار الوطني السوري: انطلاق المسار السياسي وسط تشكيك كردي وحراك عسكري في السويداء
بدأ اليوم الاثنين مؤتمر “الحوار الوطني” في سوريا، في محاولة لرسم ملامح المستقبل السياسي للبلاد بعد سقوط النظام السابق، وسط تباين في المواقف بين مختلف القوى السياسية والمكونات السورية. وعلى الرغم من إعلان الجهات المنظمة أن المؤتمر يمثل خطوةً نحو تحقيق العدالة الانتقاليةوصياغة دستور جديد وإعادة بناء مؤسسات الدولة، إلا أن بعض الأطراف السياسية، مثل المجلس الوطني الكردي، أبدت شكوكها حول جدوى المؤتمر وآلية تنظيمه.
أهداف الحوار الوطني ومساراته
من المقرر أن تعقد الجلسة الرئيسة للمؤتمر يوم الثلاثاء، حيث ستُطرح مجموعة من القضايا المصيرية التي تتعلق بإعادة بناء سوريا، أبرزها:
• العدالة الانتقالية وسبل محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات.
• بنية الدستور الجديد والمبادئ الأساسية لنظام الحكم المستقبلي.
• إصلاح مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها بما يضمن تمثيلاً شاملاً وعادلاً.
• ضمان الحريات الشخصية، وتعزيز دور المجتمع المدني.
• السياسات الاقتصادية المستقبلية، وإطلاق خطط تنموية لإعادة إعمار البلاد.
ورغم التأكيد على أهمية هذه القضايا، إلا أن توصيات المؤتمر لن تكون ملزمة للسلطات السورية الجديدة، ما يثير تساؤلات حول تأثيرها الفعلي على المسار السياسي.
انتقادات المجلس الوطني الكردي: تهميش وإقصاء
من جانبه، اعتبر المجلس الوطني الكردي في سوريا أن المؤتمر لا يعكس تمثيلاً حقيقياً لمختلف المكونات السورية، حيث وصفه في بيان رسمي بأنه “مستعجل، ويفتقر إلى معايير واضحة تضمن مشاركة متوازنة”. وأشار المجلس إلى أن عقد المؤتمر بهذا الشكل يعد “انتهاكاً لمبدأ الشراكة الوطنية للشعب الكردي”، منتقدًا الطريقة “الانتقائية والفردية” في توجيه الدعوات.
ورأى المجلس أن تجاهل المكونات القومية والسياسية الأخرى في سوريا يجعل المؤتمر فاقداً للشرعية، مشدداً على أن “أي حوار وطني لا يمكن أن يكون مجتزأً أو قائماً على تهميش القوى الفاعلة في البلاد”. ومع ذلك، لم يغلق المجلس الباب أمام أي مبادرات تسهم في تحقيق انتقال سياسي حقيقي يؤدي إلى بناء دولة ديمقراطية لا مركزية تُنهي معاناة السوريين.
المجلس العسكري في السويداء: تأسيس قوة عسكرية جديدة
في موازاة الحوار الوطني، شهدت محافظة السويداء تطوراً بارزاً مع إعلان “المجلس العسكري” إطلاق عمله رسمياً، حيث أجرى عرضاً عسكرياً ضخماً في جنوب المحافظة، بحضور عدد من الفصائل المسلحة والقيادات المحلية. ووفقاً لما أعلنه قائد المجلس الضابط المنشق طارق الشوفي، فإن الهدف من تشكيل هذه القوة هو:
• أن تكون جزءاً من الجيش الوطني للدولة السورية الجديدة.
• دعم إقامة دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية.
• حماية الأمن الداخلي والحدود الجنوبية بالتنسيق مع القوى السياسية والمجتمع الأهلي والهيئة الروحية في السويداء.
وقد شهد الإعلان عن المجلس العسكري انضمام مئات المسلحين من أبناء السويداء، ما يعكس رغبة المكونات المحلية في تنظيم صفوفها لمواكبة التحولات السياسية والعسكرية في البلاد.
ما التالي؟
بينما يمضي الحوار الوطني السوري في يومه الأول، يبقى نجاحه مرهونًا بقدرته على تمثيل جميع مكونات المجتمع السوري وضمان عدم تهميش أي فصيل سياسي أو قومي. في الوقت نفسه، فإن الإعلان عن تشكيل قوة عسكرية في السويداء يفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة النظام الجديد الذي سيحكم سوريا، وهل سيكون قادراً على دمج هذه القوى المسلحة في إطار دولة موحدة، أم أن البلاد تتجه نحو مزيد من التفكك والتقسيم؟
يبقى المشهد السوري مفتوحًا على كل الاحتمالات، في ظل استمرار التجاذبات بين القوى المحلية والدولية، وسط مساعٍ متباينة لإعادة ترتيب الأوراق في مرحلة ما بعد النظام السابق.