الأحزاب أفسدت الانتخابات الأميركية عندما تحكمت فيها
إثر الخروج من فترة الحقوق المدنية في ستينات القرن الماضي، انضم معظم المراهقين إلى الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها آباؤهم، وهذا ما فعلته أنا بالضبط، فقد انضممت إلى الحزب الديمقراطي، ولم أكن أدري أنني أملك الخيار بأن أكون ناخبة مستقلة.
وتغير الزمن، وانفصلت عن الحزب الديمقراطي، وبالنظر إلى النزعة التي سادت في ما بعد، والمتمثلة في تفضيل الحزب على الناس، لم يوفر ذلك مساحة لأولئك الذين لا يتوافقون تماماً مع أجندته. وفقد الحزب المحلي إضافة إلى الحماس الوطني ثقة الكثيرين نتيجة هذا التشدد.
ولم أنزعج كثيراً نتيجة تآكل أساسيات الديمقراطية لفترة من الزمن، ومن خلال وجهة نظري كامرأة سوداء، كان انتشار العنصرية والكراهية للنساء خلال فترة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بمثابة اعتداء شخصي عليّ. فمن الفشل لفريق التعامل مع جائحة كورونا، إلى الهجمات الحكومية على المؤسسات التاريخية للسود والنساء، إلى تشجيع الهجمات الإرهابية على مدينة «تشارلو تسفيل» بولاية فيرجينيا، عندما قام أحد المتطرفين البيض بالهجوم بسيارته على مجموعة من الملونين، ونجم عن الحادث قتلى وجرحى، أصبحت الأمور أكثر رعباً في حياتنا.
تقليد شائع
ومنذ عام 1965، كان الموضوع الأكثر أهمية لبناء ديمقراطيتنا، والذي أصبح أكثر إلحاحاً، هو تأمين حق التصويت لجميع الأميركيين. وكوني كنت لاأزال طفلة اعتدت مرافقة والديّ إلى مركز التصويت في كل يوم انتخابي. وكان هذا التقليد شائعاً بين عائلات الطبقة العاملة من السود، والطبقة الوسطى. وكان الأطفال أمثالي يشعرون بالسعادة الغامرة لمراقبة هذه الطقوس، في حين أتذكر أن مراقبة والديّ يؤديان واجبهما المقدس في التصويت كان بمثابة حدث مهم.
ولكن في أماكن أخرى في الولايات المتحدة في أيامنا هذه، بذل الحزبان السياسيان الرئيسان جهوداً منسقة لمنع الحق الذي يجب أن يتمتع به كل ناخب مسجل، وهو المشاركة في الانتخابات التمهيدية، وهذا ليس هو الهدف الذي ناضل من أجله قادة الحقوق المدنية، وقضوا نحبهم من أجل تحقيقه، فقد بذل هؤلاء جهوداً كبيرة، ولاقوا المصاعب والمعاناة لتمهيد الطريق من أجل صدور قانون حقوق التصويت لعام 1965. ولقد سار هؤلاء الرواد وعانوا المشقة، ونزفوا الدماء، وماتوا من أجل أن أحصل على حقي في التصويت.
الانتخابات التمهيدية
والآن، وفي هذه الأيام في عام 2024، أنا أريد هذا الحق أيضاً، وأطالب بحقي الدستوري في التصويت، دون الانضمام إلى حزب سياسي، ولقد فات الأوان.
وفي واشنطن العاصمة، ثمة إحصائية مفادها أنه من ضمن كل ستة ناخبين مسجلين هناك واحد مسجل كمستقل، وأنا من هؤلاء، ولكننا لا يسمح لنا بالتصويت في الانتخابات التمهيدية الممولة من دافع الضرائب في مدينتنا. ويتم قمع أصواتنا، ففي مدينة معظم ناخبيها من الحزب الديمقراطي، فإن عدم قدرة المستقلين على التصويت في الانتخابات التمهيدية يمنعنا من المشاركة في الانتخابات التي تحدد من يشغل أغلبية المناصب المنتخبة. وتحسم الانتخابات العامة هنا، وببساطة، استناداً للنتائج التي يتم تحديدها في الانتخابات التمهيدية، التي لا يسمح للمستقلين بالمشاركة فيها.
ويعبّر العديد من القادة المنتخبين المحليين عن دعمهم لاستقلالية الدولة بحماس منقطع النظير. وعلى الرغم من أن المدينة منحت حق التصويت لمن هم غير المواطنين الأميركيين في الانتخابات المحلية، إلا أنها تمنع المستقلين أمثالي من التصويت في الانتخابات التمهيدية، وهو ما يمثل صفعة على الوجه بالنسبة لي ولأمثالي من المستقلين، ولكن لماذا لا يدافع هؤلاء السياسيون عن حقي في التصويت في الانتخابات التمهيدية بالقوة ذاتها التي يدافعون بها عن استقلالية الدولة والقضايا الأخرى المتعلقة بها؟ وقد قيل لي ذات مرة، لديك خيار كي تتمكني من المشاركة في الانتخابات التمهيدية، وهو بسيط للغاية، إذ عليك أن تسارعي إلى تسجيل نفسك في الحزب الديمقراطي، وهذا ليس خياراً، إنه بمثابة أمر موجه إليّ مباشرة، ما يبعدنا كثيراً عن مفهوم الديمقراطية. وفي الحقيقة شعرت بأننا ننحدر نحو الاستبدادية التي تحدد لنا ما يجب أن نفعل، وما المبادئ التي يجب تبنيها من قبل الناخبين.
أكبر مجموعة من الناخبين
ولقد مضى زمن طويل على تلك الأيام عندما كان الحزب، وأقصد أي حزب، يجب أن يكون قادراً على جذب من يستطيعون المشاركة في صناديق الاقتراع. وعلى المدى البعيد، لابد من التساؤل: ما الحزب السياسي الذي يمكن أن ينجح إذا رفض إقامة الجسور مع أكبر مجموعة من الناخبين في أميركا؟ في نهاية المطاف، يعتبر 43% من الناخبين في جميع أنحاء البلاد أنفسهم مستقلين، ويشكل ذلك نسبة من الناخبين أكبر من أي من الحزبين الرئيسين. ويجب أن ندع ذلك ثابتاً دائماً.
وكيف سيكون شعور الديمقراطيين وموقفهم إذا قالت لهم الدولة إنه يجب عليهم تسجيل أنفسهم باعتبارهم جمهوريين كي يُسمح لهم بالانتخاب؟ بالطبع فإن حقي الانتخابي مضمون من قبل دستور الولايات المتحدة، فكيف يتجاوز حزب الولاية الديمقراطية التي توجد بها العاصمة دستور الولايات المتحدة؟ الانتخابات التمهيدية هي انتخابات عامة، تديرها حكومتنا، وتنطوي على أهمية كبيرة في عملية حكم البلاد، وندفع تكاليفها نحن دافعي الضرائب الأميركيين.
وتتمثل أول خطوة جريئة للتحرك نحو إيجاد حكومة تعتبر الناس أكثر أهمية من السياسة، وأنهم من تقوم عليهم نهضة البلاد، وأن الدولة هي فوق الأحزاب، في تحرير الناخبين المستقلين، والسماح لهم بالانتخاب. ودعونا نضع حداً لقمع الناخبين في العاصمة واشنطن عن طريق السماح للمستقلين بالمشاركة في الانتخابات التمهيدية. ونحن نستحق حق ممارسة هذا الامتياز. ولقد أصبحنا الآن في عام 2024 فدعونا ننتخب.
*ناشطة سياسية من واشنطن
عن صحيفة «هيل» الأميركية
. بذل الحزبان السياسيان الرئيسان في الولايات المتحدة جهوداً منسقة لمنع الحق الذي يجب أن يتمتع به كل ناخب مسجل، وهو المشاركة في الانتخابات التمهيدية.