اسرائيل تحت صدمة أمنيّة جديدة بعد استهداف الحوثyين تل أبيب..
اهتزت «اسرائيل» برمتها بعد تنفيذ الحوثيين عملية نوعية باستهداف «تل ابيب»، عبر مسيّرة تخطت الدفاعات الجوية «الاسرائيلية»، ما اسفرعن سقوط قتلى وجرحى، فضلا عن ان الدولة العبرية عاشت «صدمة امنية جديدة» بعد عملية طوفان الاقصى، حيث تبين ان العدوان الاسرائيلي على غزة والقتال العنيف مع حركة حماس والجهاد الاسلامي لمدة تسعة اشهر، لم يمنع تعرضها لضربة امنية قوية جديدة جاءت من اليمن.
اضف الى ذلك، ادى الانفجار الذي حصل في «تل ابيب» الى حالة تزعزع وتخبط لدى الحكومة «الاسرائيلية» والمعارضة «الاسرائيلية» ايضا، اذ اعرب وزراء متطرفون وشخصيات معارضة عن امتعاضهم وغضبهم من هشاشة الامن في «اسرائيل»، التي اثبتت عجزها مرارا عن احباط اي هجوم عليها، ناهيك بعجزها عن حمـاية مواطنيـها.
ونظرا لفداحة ما حصل في «تل ابيب»، قطع قائد سلاح الجو «الاسرائيلي» زيارته الى بريطانيا ليعود الى «اسرائيل»، بعدما استدعاه رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، الذي عقد اجتماعا مع القادة الامنيين لبحث الخطوات المفترض اتخاذها حيال الهجوم الحوثي على «تل ابيب». فماذا تحضر «اسرائيل» في كواليسها بعد استهداف الحوثيين لها في عقر دارها؟ هل سترد بضربات مكثفة على مواقع عسكرية تابعة لجماعة انصار الله في اليمن؟ ام ان الانتقام «الاسرائيلي» سيكون اكثر شمولية من ضرب الحوثيين في اليمن فقط؟
الحقيقة المجردة اظهرت بكل وضوح ان «اسرائيل» لن تنعم بالسلام ما دامت تمارس نهجا عسكريا وحشيا ضد اهل غزة العزل، وما دامت هي مستمرة في حرب الابادة للشعب الفلسطيني، اضافة الى انها ستكون دائما عرضة لهجوم من عدة فصائل مقاومة سواء فلسطينية او غير فلسطينية، اذا ظلت ترفض حق الفلسطينيين في اقامة دولة لهم.
محكمة العدل الدولية: على «اسرائيل» انهاء وجودها غير الشرعي في الاراضي الفلسطينية
في سياق الدعاوى على «اسرائيل» نتيجة عدوانها على غزة واتهامها بارتكاب جرائم حرب، قال رئيس محكمة العدل الدولية ان «اسرائيل» تخلت عن التزاماتها في معاهدة مكافحة التمييز العنصري المبرمة عام 1965، مشيرا الى انه حتى في حالة الحرب لا يمكن لـ «اسرائيل» ان تمارس التمييز العنصري. واضاف ان الشعب الفلسطيني المعترف به بموجب معاهدة اوسلو له الحق في تقرير مصيره، ولكن ممارسات «اسرائيل» بعد احتلالها لاراض فلسطينية عام 1967، انتهكت حق تقرير المصير.
ورأى أن الاحتلال هو وضع مؤقت لضرورة عسكرية، متابعا ان استمرار احتلال الاراضي الفلسطينية لفترة زمنية طويلة، لا يغير وضعها القانوني. وشدد على ان نقل المستوطنين الى الضفة الغربية او الى القدس الشرقية يتناقض مع المادة 49 من معاهدة جنيف وهو غير مبرر، مشيرا الى ان القوات المحتلة ملزمة بالحرص على ايصال المياه لسكان المناطق المحتلة.
ودعت محكمة العدل الدولية «اسرائيل» الى انهاء وجودها غير الشرعي في الاراضي الفلسطينية، كما يجب على «اسرائيل» دفع تعويض عن الاضرار لكل الاشخاص المتضررين في الاراضي المحتلة. وطالبت «اسرائيل» بالتوقف فورا عن انشطة الاستيطان واخلاء المستوطنات القائمة.
علاوة على ذلك، رأت محكمة العدل الدولية ان على كل الدول والمنظمات الدولية عدم الاعتراف بالوجود غير الشرعي «لاسرائيل» بالاراضي الفلسطينية. وختم رئيس محكمة العدل الدولية بالتأكيد على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وحق اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
ماذا ينتظر المنطقة في ظل الاحداث المستجدة والمتسارعة؟
وكشفت اوساط سياسية رفيعة المستوى للديار ان المنطقة في خطر شديد، لناحية ان محور الممانعة يقول انه لا يريد الحرب، الا ان الظروف الدولية تغيرت الآن، اذ ان الولايات المتحدة الاميركية تشهد شللا بفعل وضعية الرئيس جو بايدن، بعد المناظرة الكارثية بوجه المرشح الجمهوري والرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، وبعد محاولة اغتيال الاخير، الذي اصبح على قاب قوسين من دخول البيت الابيض. وبالتالي تصبّ واشنطن اهتمامها حاليا على المسألة الرئاسية، معلقة جهودها لمنع «اسرائيل» من الاقدام على خطوة متهورة تجاه لبنان.
ولفتت هذه الاوساط الى ان نتنياهو نجح في افشال المقترح الاميركي للحرب في غزة، والآن في حال فوز ترامب فسيكون وضع نتنياهو افضل بكثير من السابق. وخلال زيارة رئيس الوزراء «الاسرائيلي» الى اميركا، ترى الاوساط ان الوضع سيبقى على ما هو عليه حاليا في الحرب الدائرة في غزة وفي شمال فلسطين المحتلة. ولكن زيارة نتنياهو الى واشنطن تكتسب اهمية بالغة، فمن جهة سيجتمع بالرئيس الاميركي بايدن الذي هو على حافة اتخاذ قرار بالانسحاب من معركة الرئاسة الاميركية، كما ان خطاب نتنياهو امام الكونغرس الاميركي الذي باكثريته يدعم الكيان الصهيوني، سيعزز قوته وسيحصل على دعم شبه مطلق من الكونغرس المؤلف من مجلس الشيخ ومجلس النواب.
وبعد عودته الى «اسرائيل»، تتساءل الاوساط السياسية عن القرارات التي ستتخذها حكومة نتنياهو الدينية المتطرفة حيال الحرب في غزة وفي شمال فلسطين المحتلة وضد مقاومة حزب الله؟ على الارجح ان رئيس الوزراء «الاسرائيلي» سيعود اكثر تطرفا ضد الفلسطينيين في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة وضد حزب الله في جنوب لبنان.
اما عن الهجوم الذي شنه الحوثيون على «تل ابيب»، فتؤكد الاوساط ان هذا الحدث العسكري الذي اظهر ان امن «اسرائيل» مستباح، هو حتما سيدخل المنطقة بمرحلة جديدة. كما ان الدولة العبرية ستحضر لردود حفاظا على صورتها وهيبتها، بخاصة ان المواطن «الاسرائيلي» يشعر انه مستهدف داخل الكيان، ان كان من عملية طوفان الاقصى وان كان من خلال حزب الله في الجنوب وان كان من نجاح الحوثيين في ادخال مسيرة الى «تل ابيب». وبناء على ذلك، تقول الاوساط السياسية ان شهري آب وايلول قد يشهدان على توسع الحرب في المنطقة.
تحليل «إسرائيلي»: سلاح الجو غير مستعدّ للحرب الكبرى
في غضون ذلك، رأى معلّق الشؤون العسكرية في موقع «والا» أمير بوخبوط أن سلاح الجو «الإسرائيلي» فشل مرة أخرى في الدفاع عن الجبهة الداخلية. وقال «وفقًا للجيش الأمر تعلّق بخطأ بشري، ويظهر التحقيق في النتائج أنه تم اكتشاف الطائرة بدون طيّار، ولكن لم يتم تصنيفها على أنها تهديد، ولم يتم إطلاق أي إنذار أو إجراء محاولة لاعتراض الهدف. وهنا يطرح رد سلاح الجو على الحادث الصعب، شكوكا كبيرة عن حجم الطائرة ومكان إطلاقها».
وأضاف «الأمر يتعلّق بحدث خطر في كثير من النواحي، لكن ما لا يدركه الجمهور تماما أن «محور الشر» (اي محور المقاومة) يخوض حرب استنزاف مع «إسرائيل». يشمل المحور إيران قبل كل شيء، والفصائل في العراق وسوريا والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، مما يؤدي إلى تآكل قوة الجيش «الإسرائيلي» من خلال تنقيط الطائرات بدون طيار وصليات الصواريخ، وأيّ ضرر يلحق بالجبهة الداخلية يعتبر إنجازًا بالنسبة اليهم».
وتابع «من المهم أن نفهم ان التهديد الحقيقي الذي يتراكم مقابل أعيننا، هو الحرب الكبرى: وفقًا لتقديرات الخبراء، ستشمل حوالى 5000 طائرة بدون طيار وصواريخ من مختلف الأنواع على «غوش دان»، وهي منطقة الوسط التي تتضمن «تل أبيب» من بين مناطق مختلفة في الشرق الأوسط، من دون أن نلاحظ، منذ أكثر من تسعة أشهر من الحرب، أن الجيش «الإسرائيلي» بأكمله بشكل عام وسلاح الجو بشكل خاص يقفان على أقدامهما. وإننا على وشك إنهاء عام مكثف يضر بقدرة الجيش «الإسرائيلي» على خوض حرب واسعة النطاق ومتعددة الساحات وبكثافة أعلى بكثير في كثير من النواحي».
نتنياهو يريد اقالة وزير الدفاع يؤاف غالانت ولكن….
في الداخل «الاسرائيلي» ذكرت صحيفة «اسرائيل هيوم» العبرية أن إرسال الأوامر للحريديم، خلافا لموقف حكومة نتنياهو، وعلى الرغم من أن «الكنيست» يعمل على سنّ قانون في هذا الشأن، سلط الضوء على الاستقلال الإداري الذي يمارسه وزير الدفاع يوآف غالانت مقابل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وجاء في الصحيفة: «على الرغم من العدد الكبير من الكلمات التي كُتبت على العلاقة الإشكالية بين الاثنيْن خلال الحرب، الأمر لا يتعلّق بتوترات شخصية، بل لها تأثير كبير في طريقة إدارة الحرب»، مضيفة «المعنيون في الحكومة يقولون إن هناك نوعا من القطيعة بين رئيس الوزراء والمؤسسة الأمنية التي يقودها غالانت».
واشارت الصحيفة الى ان وزير الدفاع «الاسرائيلي» يشكّل نوعا من الدعم التلقائي لهيئة الأركان، ضدّ أيّ طلب تصحيحي أو نشاط أو الاستجابة لمطالب رئيس الوزراء»، لافتة الى ان «أمس ورد تأكيد آخر على القطيعة، عندما نُشر أن غالانت يريد إنشاء مستشفى لجرحى غزة، خلافًا لموقف نتنياهو».
وبحسب معلومات الصحيفة، نتنياهو ليس غاضبا فقط من سلوك غالانت في اجتماعات الحكومة، بل اجرى مؤخرا مشاورات سرية حيال مسألة ما إذا كان يجب إقالته من منصبه. انما في الوقت ذاته تقول مصادر سياسية محيطة بنتنياهو للصحيفة: لا يجرؤ رئيس الوزراء في هذه اللحظة على اقالة غالانت، خشية من اشتعال الشارع بالاحتجاجات التي حصلت عند قيامه باقالات سابقة، والرغبة في تجنب هذا الامر الآن… وربما يكون الهدف هو مواصلة العمل مقابل منظومة مخلصة بشكل أساسي لزعيمها، بخاصة ان صحيفة «اسرائيل هيوم» ذكرت ان هناك حربا أخرى في الأفق.
حزب الله وعد وصدق
اما على جبهة المساندة اللبنانية، وكما عاهد امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اللبنانيين أن أي اعتداء على المدنيين، سيقابل بالرد على مستعمرات صهيونية جديدة ضربت المقاومة امس ولاول مرة ثلاث مستعمرات جديدة هي: ابيريم ونيفيه زيف ومنوت بعشرات صواريخ الكاتيوشيا.
كما استهدفت المقاومة بالاسلحة المناسبة مستعمرة المنارة ورويسة القرن في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وموقع السماقة في تلال كفرشوبا المحتلة، وموقع المالكية، مدمرة مباني يستخدمها جنود العدو، وأصابتهم اصابة مباشرة.
«القوات»: لا يجب ان يبقى لبنان مكشوفاً دون رئيس وسط الخطر الذي يحيطه
وفي الداخل اللبناني قالت مصادر «قواتية» للديار ان العالم كله منشغل اليوم بازماته، حيث ان فرنسا تواجه مشاكلها الداخلية، والولايات المتحدة الاميركية دخلت مرحلة السباق الرئاسي، فضلا عن ان وضع المنطقة على كف عفريت. وعليه، المعارضة ومن ضمنها «القوات اللبنانية» اصبحت اكثر تصميما لانجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني، من اجل ان نضمن استقرار واستمرارية البلد ونحافظ على المؤسسات، في ظل هذه الظروف الخطرة التي تحيط لبنان من كل حدب وصوب. اما اذا تركنا لبنان مكشوفا، اي من دون رئيس للجمهورية، فنكون في وضع يرثى له، بخاصة ان لا احد يبالي بمصير اللبنانيين. انما هذا هو الوقت الذي يجب ان يجعلنا ننتخب رئيسا للجمهورية.
ولفتت المصادر «القواتية» الى ان فريق الممانعة غير مهتم لاستمرار الشغور الرئاسي. واضافت انه لو كان صحيحا ان المجتمع الدولي تخلى عن المعارضة، فلماذا الفريق الآخر لم يستطع ايصال مرشحه الى الرئاسة؟ لكن حقيقة الامور ان «اللجنة الخماسية» لا تزال متمسكة بالخيار الثالث وتدفع باتجاه هذا الحل، الا ان فريق الممانعة يرفض الالتقاء حول مساحة مشتركة، الامر الذي يبقي لبنان في دوامة النزاعات.
هل يمدَّد مجدداً لقائد الجيش جوزاف عون؟
بموازاة ذلك، اعتبرت المعارضة وعدة قوى سياسية اخرى، ان الاسباب الموجبة للتمديد لقائد الجيش لا تزال ذاتها، حيث لا يوجد رئيس للجمهورية ليعين قائدا جديدا للمؤسسة العسكرية، فضلا عن ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف اعمال، والوضع العسكري الامني في الجنوب ما زال على ما هو عليه، وبالتالي انطلاقا من اولوية عسكرية قد يكون هذا الموضوع مطروحا من اجل التمديد لقائد الجيش، علما انه حتى اللحظة لم تتخذ القوى السياسية اي موقف تجاه هذا الامر.
ومن ناحية الخارج، واضح ان واشنطن تمر في مرحلة دقيقة، وانطلاقا من رهانها على الجيش اللبناني من اجل الحفاظ على آخر مساحة استقرار في لبنان، قد لا تتهاون في ضرب هرمية الجيش في هذا السياق. وعليه، يبرز اشكال محلي آخر يضاف الى الاشكالات القائمة.
(نقلاً عن صحيفة الديار اللبنانية)